الإمارات
دكتور حسن عربشريك، الرئيس الإقليميلتسوية المنازعات
مصعب علي مستشار أول،حل النزاعات
لقد أضحى من المسلمات في الفقه القانوني المعاصر، أن قضاء التحكيم لم يصبح مجرد وسيلة متاحة للمتنازعين لفض الخصومات فيما بينهم، بل أصبح ضرورة يستلزمها الواقع القانوني وتقتضيها حاجات الاستثمار المختلفة، والدول من وراء ذلك ترعى وتُسهم في تشريعاتها المختلفة نحو تشجيع المنازعات التحكيمية وتسهيل مقتضياتها لأسباب عدة من أهمها رغبة الدول في توفير بيئة مواتية للإستثمار بعدما لوحظ مدى أهمية التحكيم لأي مستثمر أجنبياً كان أو وطنياً.
ولقد أحسنت محكمة تمييز دبي القول إذ وصفت التحكيم بأنه "قضاء رديف لقضاء الدولة العادي"1، بما يؤكد على المكانة التي حازها قضاء التحكيم – وبجدارة – في حسم النزاعات والفصل
في الخصومات حتى صار متقدما في بعض الجوانب على قضاء المحاكم الرسمية، والتي ما عادت سلطتها ملائمة للفصل في العديد من المنازعات ذات الطبيعة الدولية والتجارية، ولذا فإن نطاق المسائل التي يشملها التحكيم – بحسب المحكمة الدستورية العليا المصرية - بات متبايناً ومعقداً، ولم يعد مقصورا على تفسير العقود أو الفصل فيما يختلجها من خلافات، بل توخى التحكيم – وعلى نحو متزايد – إنماء التجارة الدولية عن طريق مواجهة نوع من المسائل التي لا يمكن عرضها على القضاء، أو التي يكون طرحها عليه غير ملائم، كتلك التي تتناول في موضوعها ملء فراغ في عقد غير مكتمل أو تعديل أحكام تضمنها العقد أصلاً لتطويعھا على ضوء الظروف الجديدة التي لابستها.
وعلى ضوء ذلك كله، فإننا نرى أنه لم يعد من الملائم من الناحية القانونية والدستورية حجب الإحالة الدستورية عن قضاء التحكيم في ظل ما يتولاه التحكيم من الفصل في خصومات بالغة التعقيد وشديدة الأهمية، ولقد كانت دوماً هذه المسألة قليلة البحث في الفقه القانوني، إلا أننا سنتناول بشيء من التحليل الموقف القانوني لهذه المسألة في دولتي مصر والإمارات العربية المتحدة.
تنص الفقرتان الأولى والثانية من المادة (31) من قانون المحكمة الإتحادية العليا على أن ((1. تحال إلى المحكمة الاتحادية العليا بغير رسوم طلبات عدم الدستورية التي تثار أمام المحاكم في صدد دعـوى منظورة أمامها بقرار مسبب من المحكمة المختصة، يوقعه رئيس الدائرة المختصة، ويشتمل على النصوص محل البحث، وذلك إذا كانت الإحالة بناء على قرار من المحكمة التي تنظر الموضوع من تلقاء نفسها.
2. إذا كان الطعن في الدستورية مثاراً بدفع من أحد الخصوم في الدعوى وكانت المحكمة التي تنظر الموضوع قد قبلته، تعين على المحكمة أن تحدد للطاعن أجلأ لرفع الدعوى أمام المحكمة الاتحادية العليا، فإذا فات الأجل دون أن يقدم الطاعن ما يفيد رفعه الدعوى خلاله اعتبر ذلك تنازلا منه عن دفعه ...))
ما مؤداه أن المشرع في دولة الإمارات العربية المتحدة قد حصر إمكانية إتصال الدعوى الدستورية بالمحكمة الإتحادية العليا – صاحبة الاختصاص الأصيل للفصل في دستورية التشريعات في دولة الإمارات العربية المتحدة – من خلال الإحالة بقرار مسبب عن أحد "المحاكم" أو بموجب تصريح من هذه "المحكمة". فهل يتسع لفظ "المحكمة" المستخدم في نص المادة سالفة الذكر ليشمل هيئات التحكيم المشكلة بإرادة الأفراد والتي خولها المشرع سلطة الفصل في المنازعات على اعتبار انها قضاء اتفاقي ولأحكامها حجية كما لأحكام القضاء؟
في واقعة وحيدة، تعرضت المحكمة الإتحادية العليا لهذه المسألة بصورة مباشرة، حيث قبلت هيئة تحكيم ثلاثية بمركز دبي للتحكيم الدولي جدية الدفع المثار من قبل المحتكمين بعدم دستورية أحد المواد القانونية في قانون محلي بإمارة دبي، وصرحت على ضوء ذلك هيئة التحكيم للمحتكمين برفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الإتحادية العليا للفصل في مدى دستورية المادة القانونية محل الطعن الدستوري.
وعلى ضوء ذلك تم قيد الدعوى الدستورية رقم 4 لسنة 2012 دستورية أمام المحكمة الإتحادية العليا، إلا أن الجهة المدعى عليها في الدعوى الدستورية دفعت بعدم قبول الدعوى الدستورية لصدور التصريح بإقامة الدعوى الدستورية من غير المحاكم الرسمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبناءً عليه، قضت المحكمة الإتحادية العليا بتاريخ 19/2/2013 بقبول هذا الدفع تأسيساً على أن النص في المادة (58) من قانون المحكمة الإتحادية العليا الملغى – وهو النص الذي يقابل ويماثل تقريباً نص المادة (31) من قانون المحكمة الإتحادية الجديد والساري حالياً - قاطعٌ في أن من بين طرق اتصال المحكمة العليا بالدعوى الدستورية، إقامة الدعوى الدستورية استناداً إلى تصريح صادر عن محكمة الموضوع بناء على دفع مثار من أحد الخصوم في الدعوى الموضوعية تكون قبلته محكمة الموضوع وأذنت لمثير الدفع رفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الاتحادية العليا.
وعلى هدي من ذلك، قضت المحكمة3 بأن نص المادة سالفة الذكر لا يسمح للتحكيم – "وهو قضاء اتفاقي يعمل في إطار روابط القانون الخاص" – بممارسة حق الإحالة الدستورية أو التصريح بإقامتها، خاصة وأن تعبير (المحكمة) الوارد في النص أعلاه "ينصرف حصراً إلى جميع المحاكم الرسمية في النظام القضائي الإماراتي، الإتحادي منه والمحلي، دون غيرها من الجهات التي تفصل في المنازعات كهيئات التحكيم"، مما مؤداه – وفق ما خلصت إليه المحكمة الإتحادية العليا – قبول الدفع بعدم قبول الدعوى الدستورية لإتصال المحكمة الإتحادية العليا بها على غير الوجه المقرر قانوناً.
وقد أقامت المحكمة الإتحادية العليا قضاءها أعلاه على سند من أن في ذلك "حماية لقرينة الدستورية المصاحبة أصلاً لكل نص تشريعي وتوفير الاستقرار لها حتى تؤدي وظيفتها الاجتماعية، وذلك بعدم السماح لأي جهة أو هيئة أو شخص من الطعن بعدم دستورية القوانين، إلا في نطاق ضيق وعلى نحو محدود"4.
تنص المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا على أنه ((تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي: (1) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية؛ (2) إذا دفع الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن))
ومن ذلك يتضح أن النص الوارد في قانون المحكمة الدستورية العليا المصرية لتنظيم اتصال المحكمة بالدعوى الدستورية يختلف شيئاً قليلاً عن النص الوارد في قانون المحكمة الإتحادية العليا، إذ خلا الأخير – بعكس قانون المحكمة الدستورية العليا - من تعبير (الهيئات ذات الاختصاص القضائي) باعتبارها هيئات لها صلاحية إحالة المسألة الدستورية أو التصريح بإقامة الدعوى الدستورية، وقد اختلفت أحكام القضاء وآراء الفقه حول المعيار الضابط لتحديد هذه الهيئات القضائية، وإن كان يذهب الرأي الغالب إلى أن "العبرة بما تكشف عنه مجموع نصوص القانون الذي أنشأ اللجنة وما إذا كان المشرع يبغي انشاء لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي أم يبغي إنشاء هيئة قضائية تصدر قرارات قضائية"5، كما قُضي بأن الهيئة ذات الاختصاص القضائي هي "الهيئة التي يخولها المشرع سلطة الفصل في خصومة بحكم تصدره بعد اتباع الإجراءات القضائية التي يحددها القانون"6.
وأيا كان وجه الرأي، فالظاهر أن العمل قد جرى على عدم اعتبار هيئات التحكيم المشكلة وفقاً لإرادة الخصوم7 بمثابة هيئات قضائية وفقاً لمفهوم المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، وعليه فقد حُجبت كذلك في رأينا مكنة الإحالة الدستورية أو التصريح بإقامة الدعوى الدستورية عن قضاء التحكيم وفقاً للتنظيم القانوني المصري للمسألة الدستورية.
مع عظيم تقديرناً لضوابط التنظيم القانوني لمسألة الرقابة الدستورية على التشريعات ذات الصلة باعتبارها أحد أسمى المسائل القانونية التي ينتظم بها عقد الدولة المدنية الحديثة وتتحقق بموجبها رقابة القضاء على شتى سلطات الدولة، ومع وجاهة الرأي القائل بحجب قضاء التحكيم عن التدخل في مسائل الرقابة الدستورية على القوانين واللوائح حمايةً لقرينة الدستورية التي تصاحب التشريع فور صدوره، وهي القرينة التي لا تحتمل العبث ولا الاستخفاف، إلا أننا نرى أنه يمكن التوفيق بين سائر هذه الاعتبارات وبين أهمية ولوج قضاء التحكيم لتخوم الدعوى الدستورية من بابها الخلفي عبر اللجوء إلى المحكمة الرسمية المختصة بالإشراف على إجراءات التحكيم وتقديم المساعدة القضائية اللازمة لهيئة التحكيم أو أطراف الدعوى التحكيمية، وهو ما جرى العرف على تسميته بالمحكمة الإشرافية [Supervisory Court].
إذ تنص المادة (18/1) من قانون التحكيم الإماراتي على أن ((ينعقد الإختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى المحكمة المختصة وفقاً للقوانين الإجرائية المعمول بها في الدولة وتكون دون غيرها صاحبة الإختصاص حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم))، وقد عرَّفت المادة الأولى من القانون سالف الذكر المحكمة المختصة بأنها ((المحكمة الإستئنافية الإتحادية أو المحلية التي اتفق عليها الأطراف أو يجرى ضمن دائرة اختصاصها التحكيم)).
وفي ذات السياق تنص المادة (9) من قانون التحكيم المصري على أن ((1- يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو في الخارج فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر. 2- وتظل المحكمة التي ينعقد لها الاختصاص وفقاً للفقرة السابقة دون غيرها صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم))
بناءً عليه، فإننا نرى أنه من الأوفق ألا يتم منع قضاء التحكيم بالكلية من الولوج إلى تخوم الدعوى الدستورية، إذ يصح أن تكون الإحالة الدستورية أو التصريح بإقامة الدعوى الدستورية من قبل المحكمة الإشرافية بناءً على طلب من هيئة التحكيم، فإن صدر هذا الطلب عن هيئة التحكيم من تلقاء نفسها، تكون الإحالة مباشرة من المحكمة الإشرافية – بناءً على طلب هيئة التحكيم - إلى المحكمة المختصة بدعوى الدستورية للفصل فيما تراءى لهيئة التحكيم من عدم دستورية نص أو لائحة واجبة التطبيق على موضوع دعوى التحكيم، وإن صدر هذا الطلب عن هيئة التحكيم بناءً على تقديرها لجدية دفع عدم الدستورية المثار من أحد الخصوم، فإننا نكون بصدد تصريح بإقامة الدعوى الدستورية صادر عن المحكمة الإشرافية للخصم صاحب المصلحة بناءً على طلب هيئة التحكيم بعد تقدير الأخيرة لجدية الدفع بعدم الدستورية.
لا يُسمح للتحكيم - وهو قضاء اتفاقي يعمل في إطار روابط القانون الخاص – بممارسة حق الإحالة الدستورية أو التصريح بإقامتها" “العمل قد جرى على عدم اعتبار هيئات التحكيم المشكلة وفقاً لإرادة الخصوم بمثابة هيئات قضائية وفقاً لمفهوم المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا
ولا نقول بأن يكون دور المحكمة الإشرافية فيما سبق بيانه شكلياً، وإنما يتعين أن يخضع تقدير هيئة التحكيم للمسألة الدستورية لرقابة وتقدير المحكمة الإشرافية وسلطتها، فمتى وافقت المحكمة الإشرافية هيئة التحكيم في تقديرها، استجابت لطلبها سواء بالإحالة الدستورية المباشرة أو بإصدار التصريح اللازم لإقامة الدعوى الدستورية، وهو الأمر الذي يحفظ بلا شك قرينة الدستورية المصاحبة للتشريعات من العبث، بل يصون هذه القرينة بصورة أكثر شدة من التنظيم الطبيعي لها، إذ لا يصح إثارة المسألة الدستورية في الدعوى التحيكيمة، وفقاً لرأينا أعلاه، إلا إذا اتفق على ذلك جهتان، هما هيئة التحكيم والمحكمة الإشرافية المختصة.
ولا نتفق مع الرأي القائل بأن اتفاق الخصوم على تطبيق القوانين الموضوعية لدولة ما لا يمثل اتفاقاً على تطبيق دستور الدولة بالضرورة، ذلك أن قضاء المحكمة الدستورية العليا المصرية وكذا قضاء المحكمة الإتحادية العليا الإماراتية مستقر على أن الدستور هو "النص القانوني الاسمي"8، وأن "المناط في تقرير دستورية التشريع أو عدم دستوريته عند إعمال الرقابة القضائية هو مدى اتفاق التشريع أو مخالفته لأحكام القانون الأسمى وهو الدستور"9، ذلك لأن "القواعد الدستورية تحتل المقام الأسمى كقواعد آمرة لا تبديل فيها إلا بتعديل الدستور ذاته"10، الأمر الذي مفاده أنه يتعين تفسير اتفاق الطرفين على تطبيق قانون دولة ما على أي نزاع تحكيمي بمثابة اتفاق من باب أولى – وقبل أي شيء – على تطبيق القانون الأسمى في هذه الدولة (وهو الدستور) والذي يندرج تحته وتنتظم برعايته سائر التشريعات الأخرى التي تأتى بعده في المرتبة.
وعليه، فإننا نرى في ختام هذه الورقة القانونية ضرورة تسليط الضوء على هذه المسألة الهامة في فقه التحكيم سعياً إلى تمكين قضاء التحكيم من بسط رقابته على سائر أوجه الخصومة التحكيمية وإنفاذ اتفاق الأطراف على تطبيق القانون المتفق عليه (سواء كان القانون الإماراتي أو المصري) من جوانبه كافة بما يشمل أسمى درجاته التشريعية وأسمى قواعده القانونية ألا وهو الدستور.
ولا نقول أن فيما تقدم من حل مقترح وتحليل قانوني كفاية لتحريك الدعوى الدستورية بناءً على طلب هيئة التحكيم من خلال المحكمة الإشرافية، إذ لا يخلو من وجاهة قول قائل بوجود فجوة تشريعية لولوج هذا الباب، غير أننا نأمل أن يكون فيما تقدم من بيان حلاً معقولاً لآراء أخرى معارضة لتمكين قضاء التحكيم من إثارة المسألة الدستورية حتى لا يتم العبث بقرينة الدستورية المصاحبة للتشريعات كافة، ونأمل في أن تكون هذه الورقة القانونية بمثابة نداء لمجتمع التحكيم لبدء نشاط قانوني حقيقي لولوج باب المسألة الدستورية انطلاقاً من الخصومة التحكيمية لما لذلك من قيمة قانونية وعدالة مرجوة وإثراء لخصومة التحكيم والدعوى الدستورية في آن واحد.
لمزيد من المعلومات،يرجى الاتصال دكتور حسن عرب و مصعب علي
تم النشر في أيلول 2024
نايف يحيىشريك،رئيس قسم التقاضي - دبي
ستيفاني مالهاممستشار أول،تسوية المنازعات
دينا عسارمحامي دعم مهني،تسوية المنازعات
تم نشر المرسوم بقانون اتحادي رقم (51) لسنة 2023 بإصدار قانون إعادة التنظيم المالي والإفلاس (المشار إليه فيما بعد بـ "القانون الجديد") بالجريدة الرسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة بتاريخ 31 أكتوبر 2023 وأصبح نافذاً اعتباراً من 1 مايو 2024. يحل هذا التشريع محل قانون الإفلاس السابق وهو المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2016 (المشار إليه فيما بعد بـ "القانون السابق") على أن يستمر العمل باللوائح والقرارات الصادرة تنفيذاً لأحكام القانون السابق إلى حين صدور ما يحل محلها تنفيذًا لأحكام القانون الجديد.
نستعرض في هذا المقال دراسة متعمقة للتغييرات الهامة التي أدخلها القانون الجديد مع التركيز على الجوانب الرئيسية التي تؤثر على نظام الإفلاس في دولة الإمارات العربية المتحدة.
أهم ما جاء في هذا القانون الجديد هو استبدال أداة الصلح الواقي من الإفلاس المنصوص عليها في القانون السابق، والتي أصبحت غير صالحة من الناحية العملية بسبب شروطها الصارمة، بآلية أكثر سهولة تُسمّى "التسوية الوقائية" وفق القانون الجديد. وبالتأكيد سيكون هذا التغيير الإيجابي موضع ترحيب من قبل المجتمع القانوني والشركات المحلية.
وتتمثل التسوية الوقائية في إجراءات يتم اتخاذها بناء على طلب المدين، تهدف إلى مساعدته على الاستمرار في نشاطه التجاري والوفاء بديونه من خلال تطبيقه لمقترح التسوية مع دائنيه، وهي إجراءات تصادق عليها محكمة الإفلاس وتشرف على تنفيذها. ويسمح هذا النظام الجديد للمدين بإدارة أعماله وأصوله بشكل طبيعي أثناء التفاوض حول شروط التسوية مع الدائنين، وذلك دون تعيين أمين من قبل المحكمة. ومن ناحية أخرى، يمكن للمدين الاستفادة من فترة وقف للمطالبات تتراوح من 3 إلى 6 أشهر من تاريخ قبول طلب افتتاح الإجراءات علماً انه قد تم الإبقاء على طرق إعادة الهيكلة والتصفية الأخرى المتاحة بموجب القانون السابق.
يتسم القانون الجديد بتوسيع وتوضيح المفاهيم الأساسية من خلال ما تضمنه من تعريفات جديدة ومعدلة مثل "طرف ذو علاقة"، و"أموال المدين"، و"سجل الإفلاس"، و"إدارة الإفلاس"، و"التوقف عن السداد" وغيرها الكثير. وهذا أمر محمود لما ينطوي عليه من سهولة وتبسيط.
ووفقًا للقانون الجديد فقد أصبح تعريف "أموال المدين" أوسع ليشمل كل ما يملكه المدين داخل أو خارج الدولة من أموال منقولة وغير منقولة.
أتاح القانون الجديد لمحكمة الإفلاس أن تستعين بخبراء ومدققي حسابات ضمن كوادرها يتم اختيارهم وتحديد مكافآتهم من قبل السلطة القضائية المختصة. ومن التغييرات الأخرى الإيجابية، صرف مكافآت الخبراء ومدققي الحسابات من ميزانية السلطة القضائية المختصة مما يشير إلى أنهم سيعملون جنباً إلى جنب مع محكمة الإفلاس وإدارة الإفلاس (والتي سيتم مناقشتها بمزيد من التفصيل أدناه) حيث أنشئت هذه الأخيرة بموجب القانون الجديد لتقديم الدعم لمحكمة الإفلاس.
تنص المادة 8 من القانون الجديد على أن تكون القرارات الصادرة عن محكمة الإفلاس سندات تنفيذية وواجبة التنفيذ فور صدورها.
ولا يجوز وقف تنفيذ هذه القرارات إلا إذا رأت محكمة الإفلاس العدول عن القرار محل التنفيذ أو وقف تنفيذه من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب المدين، أو أحد الدائنين، أو الأمين أو غيرهم من ذوي المصلحة، أو بموجب حكم يصدر عن محكمة الاستئناف.
يؤد هذا النص على الطبيعة الفورية والملزمة لقرارات محكمة الإفلاس بينما يسمح لها بممارسة السلطة التقديرية والمرونة في تنفيذها فضلًا عن إمكانية تدخل أصحاب المصلحة المعنيين ومحكمة الاستئناف في سياق أحكام الإفلاس.
أنشأ القانون الجديد وحدة متخصصة داخل المحاكم تُسمى "إدارة الإفلاس" برئاسة قاض من قضاة محكمة الاستئناف لإدارة قضايا الإفلاس وإعادة التنظيم والإشراف عليها. وتأتي هذه المبادرة من باب تقديم الدعم لمحكمة الإفلاس، وتعد خطوة هامة نحو تعزيز البت في إجراءات الإفلاس، حيث تختص إدارة الإفلاس بمعالجة الطلبات التي تقدم وفقًا لأحكام القانون، وإخطار ذوي الشأن بقرارات المحكمة، والتحقق من استيفاء المعلومات والمستندات المطلوبة قبل تقديم الطلبات إلى محكمة الإفلاس. بالإضافة إلى ذلك، تتولى إدارة الإفلاس الرقابة على إدارة أعمال المدين أثناء سير الإجراءات، والاجتماع بالدائنين، واستدعاء ذوي الشأن لسماع أقوالهم، وذلك إلى جانب أي اختصاصات أخرى منصوص عليها في القانون أو تُكلف بها من قبل السلطات القضائية.
كذلك احتفظ القانون الجديد بوحدة إعادة التنظيم المالي ("الوحدة") والتي تؤدي دورًا هاماً على صعيد إجراءات إنفاذ قانون الإفلاس.
ونص القانون الجديد على توسيع نطاق ولاية وحدة إعادة التنظيم المالي فيما يتعلق بعملية الإفلاس لتشمل الإشراف على المنصة الإلكترونية المزمع انشائها بهدف تنظيم سجل للإفلاس لأغراض القانون الجديد، واعتماد قائمة الأمناء والخبراء، والإشراف على تدريب القضاة والخبراء، ومساعدة محكمة الإفلاس في تحديد النطاق الاسترشادي لأتعاب الأمناء.
وبموجب القانون السابق، كانت لجنة إعادة التنظيم المالي تختص بالإشراف على إدارة إجراءات إعادة التنظيم المالي للمؤسسات المالية وغيرها من مؤسسات أو شركات مرخصة من جهات رقابية مختصة، لتسهيل الوصول إلى اتفاق رضائي بين المدين ودائنيه، بمعاونة خبير أو أكثر.
ومع صدور القانون الجديد، تغيرت اختصاصات لجنة إعادة التنظيم المالي لتصبح مقصورة على تقديم المساعدة لمحكمة الإفلاس فيما يتعلق بإجراءات الإفلاس وإعادة الهيكلة المقامة من قبل أو ضد الشركات والمؤسسات المالية الخاضعة للجهات الرقابية.
وفقًا للقانون الجديد، لم يعد المدينون ملزمين بمباشرة إجراءات الإفلاس في حال استيفاء الشروط المنصوص عليها في القانون. ومن المرجح أن يثير هذا التغيير ردود فعل متباينة داخل المجتمع القانوني. وسنصدر تحليلًا تفصيلياً حول هذا الموضوع قريباً.
بالإضافة إلى فترة وقف المطالبات المنصوص عليها أعلاه بالنسبة لإجراءات التسوية الوقائية، يترتب على صدور قرار افتتاح إجراءات إعادة الهيكلة وقف أي دعوى أو إجراء تنفيذي يكون مقاماً ضد المدين متى كان متعلقاً بأمواله أو ديونه، ما عدا الدعاوى العمالية ودعاوى الأحوال الشخصية (باستثناء دعاوى التركات)، وحتى تاريخ التصديق على خطة إعادة الهيكلة أو صدور قرار بإنهاء الإجراءات، وذلك بدون أي قيود على فترة الوقف وتمديدها، على عكس القانون السابق الذي منحها لمدة لا تتجاوز 10 أشهر (قابلة للتجديد لمدة تصل إلى 4 أشهر).
وبذلك فإن الموقف الحالي بموجب القانون الجديد متوافق مع الممارسات القضائية خاصة مع اتجاه المحاكم إلى تمديد الوقف لفترات أطول من الحد المنصوص عليه في القانون السابق. وبالتأكيد هذا يشكل تطورًا إيجابياً في إطار التشريع الجديد من حيث تقرير الحماية لأموال التفليسة أثناء الإجراءات دون المساس بالدعاوى الخاصة بالعمل والطلاق والحضانة وغيرها.
يحظر القانون الجديد أيضًا تقديم مطالبات جديدة ضد المدين بعد بدء إجراءات الافلاس ويظل هذا الحظر سارياً حتى بعد إشهار الإفلاس، مع الاستثناءات الموضحة، على الرغم من احتفاظ الدائنين بالحق في اتخاذ الإجراءات ورفع دعوى فردية بعد إغلاق الإفلاس.
خلافًا للقانون السابق، أجاز القانون الجديد للدائنين أصحاب الديون المضمونة باتخاذ إجراءات التنفيذ على الأموال الضامنة لديونهم من خلال محكمة الإفلاس والأمين أثناء إجراءات الإفلاس، ودون حاجة لإتباع إجراءات التنفيذ.
أدخلت المادة 20 من القانون الجديد مفهوم إفلاس شركات الواقع التي يعامل الشركاء فيها معاملة الشركاء المتضامنين في شركات التضامن بموجب المادة 244 من القانون الجديد.
أدخل القانون الجديد تغييرات ملحوظة بشأن مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة والمديرين والقائمين على التصفية في حالة الإفلاس.
بموجب القانون القديم، كان هؤلاء الأشخاص عرضة للمسائلة المالية عن ارتكاب بعض الأفعال المحظورة خلال سنتين قبل تاريخ افتتاح إجراءات الإفلاس ومنها استعمال أساليب تجارية غير مدروسة المخاطر، والدخول في معاملات مقومة بأقل من قيمتها، والوفاء بديون أي من الدائنين بقصد إلحاق الضرر بغيرهم من الدائنين. ومع ذلك، يعفى هؤلاء الأشخاص من المسؤولية إذا ثبت اتخاذهم ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺘﺪاﺑﯿﺮ اﻟﻤﻌﻘﻮﻟﺔ اﻟﻼزﻣﺔ لتقليص الخسائر المحتملة على المدين ودائنيه أو ثبت عدم اشتراكهم في الأفعال الذكورة.
كذلك عزز القانون الجديد هذه الأحكام بتوسيع النطاق المحتمل للمسؤولية ليشمل المديرين الفعليين وأي مسؤول عن الإدارة الفعلية للشركة (قد يشمل ذلك الشركاء المسيطرين على الإدارة). وهذا تغيير إيجابي آخر يرحب به المجتمع القانوني.
حيث ينص القانون الجديد على أن يكون المبلغ الذي قد يحكم به ضد أعضاء مجلس الإدارة أو المدير الفعلي متناسبًا مع ما هو منسوب للشخص المعني من خطأ. وقد احتفظ بمدة السنتين التي يشترط فيها ارتكاب الأفعال التي تفضي إلى الإفلاس، مع تحديد 4 حالات تترتب فيها مسؤوليتهم، ومنها إذا أثبت الدائن أن موجودات الشركة لا تكفي لوفاء (20%) على الأقل من ديونها، يمكن تحميل أعضاء مجلس الإدارة والمديرين مسؤولية سداد الدين متى ثبت أنهم قصروا في إدارة الشركة على النحو الذي أدى لتدهور وضعها المالي.
علاوة على ذلك، ينص القانون الجديد على فترة تقادم مدتها سنتان من تاريخ صدور الحكم بإشهار الإفلاس لإقامة دعوى المسؤولية ضد هؤلاء الأشخاص. كما يُعفى من المسؤولية كل شخص اتخذ كافة التدابير الاعتيادية أو أثبت تحفظه كتابياً على الأفعال المذكورة.
تعكس هذه التغييرات نهجًا أكثر اتساقاً تجاه مساءلة قيادات الشركات في حالات الإفلاس حيث يراعي القانون الآن درجة الخطأ وتأثير قرارات الإدارة على الصحة المالية للشركة. ومن المتوقع أن يؤدي هذا التحديث إلى تعزيز ممارسات الأعمال والقرارات المسؤولة بين قادة الشركات، وذلك انطلاقاً من دورهم الحاسم في الحفاظ على الاستقرار المالي وحماية مصالح الدائنين.
تتيح المادتان (66) و(108) من القانون الجديد (في ظل نظامي التسوية الوقائية وإعادة الهيكلة) إمكانية توحيد أو إنشاء أو فك أو بيع أو استبدال أية ضمانات إذا كان ذلك ضروريًا لتنفيذ مقترح التسوية الوقائية أو خطة إعادة الهيكلة، بشرط موافقة أصحاب الديون المضمونة.
يعد هذا تطوراً إيجابياً آخر في ظل القانون الجديد، وبينما يسمح للمدينين باستكشاف خيارات فك الضمانات، فإنه يحتفظ أيضاً بحق أصحاب الديون المضمونة في الموافقة على هذا المقترح قبل تنفيذه.
انتهج القانون الجديد نهجاً جديداً فيما يتعلق بسلطة المحكمة في الحكم بعدم نفاذ تصرفات المدين في مواجهة الدائنين يتمثل في التركيز على إطار زمني أوسع عند فحص معاملات المدين في سياق الإفلاس. في حين أن القانون السابق كان ينظر إلى المعاملات التي وقعت خلال فترة سنتين قبل تاريخ افتتاح الإجراءات، فإن القانون الجديد يستهدف في المقام الأول فترة الستة أشهر السابقة على تاريخ التوقف عن السداد، والتي قد تمتد لمدة تصل إلى سنتين قبل تاريخ صدور قرار افتتاح الإجراءات. ومن الأهمية بمكان أن القانون الجديد يمد الإطار الزمني لهذا الفحص إلى سنتين ما قبل تاريخ التوقف عن السداد (أي لفترة تصل إلى أربع سنوات قبل تاريخ صدور قرار افتتاح الإجراءات) بالنسبة للتصرفات التي تتم مع أشخاص مطلعين على المعلومات الداخلية أو أطراف ذو علاقة، مما يعكس درجة عالية من اليقظة والاستشعار تجاه التعاملات الداخلية الضارة.
علاوة على ذلك، اعتبر القانون الجديد الاعتبارات التجارية مبرراً مقبولاً لبعض المعاملات، مما يشير إلى ان المشرع اتخذ منظور أكثر مرونة. وتشير هذه الإضافة إلى أن المعاملات التي تتم في سياق العمل العادي سليمة، بحسب هذا المعيار الجديد، حتى لو وقعت ضمن الفترة قيد الاستعراض. ويستمر القانون أيضاً في إعطاء السلطة التقديرية لمحاكم الإفلاس لا سيما في تقرير عدم نفاذ التصرفات الضارة بالدائنين.
أدخل القانون الجديد تعديلاً جوهرياً في مسألة القيود على إجراءات المدين بعد الإفلاس. وعلى النقيض من القانون السابق، الذي فرض قيوداً عامة على الوفاء بالديون والتصرف في الأموال، فإن القانون الجديد يبسط هذه القيود. فقد نص مبدئياً على عدم جواز الوفاء بما على المدين من ديون بعد افتتاح إجراءات الإفلاس، ثم وضع استثناءات عملية لمبدأ الوفاء بالديون شملت تلك الناشئة عن حقوق العمال والموردين للمواد الأساسية التي يحتاجها العمل التجاري وما يلزم للمدين وأسرته من نفقة، وبشرط موافقة محكمة الإفلاس. يمثل هذا التحديث نهجاً أكثر توازناً من حيث التسليم بضرورة استمرار الأعمال الهامة والمحافظة على المصالح الشخصية أثناء الإفلاس. ويعد ذلك تغييراً حاسماً بالنسبة للمدينيين الذين يعانون من ضائقة مالية، حيث يسمح باستمرارية العمليات والإعالة الشخصية وسط إجراءات الإفلاس.
على غرار القانون السابق، يحظر القانون الجديد إجراء المقاصة بين ديون ترتبت بعد افتتاح الإجراءات، ما لم يكن ذلك بناء على تنفيذ مقترح التسوية الوقائية أو خطة إعادة الهيكلة أو بناء على قرار محكمة الإفلاس (بناء على طلب يقدم بذلك من الأمين أو الدائن).
وعلى عكس القانون السابق، أحال القانون الجديد إلى أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 10 لسنة 2018 في شأن المقاصة على أساس الصافي. وسوف نلقي المزيد من الضوء في دراسة أكثر تفصيلاً على شروط الصحة والنفاذ الواجب توفرها في المقاصة في ظل المتغيرات التي طرأت عليها في القانون الجديد.
أدخل التشريع الجديد أيضًا أحكاماً شاملة بشأن تسويات ما بعد الإفلاس التي يمكن التوصل إليها بين المدين والدائن (الدائنين) بعد إعلان الإفلاس من خلال قرار نهائي.
تعد التغييرات الأخيرة في قانون الإفلاس الإماراتي، حسبما وردت في المرسوم بقانون اتحادي رقم (51) لسنة 2023، خطوة إيجابية نحو تحسين إجراءات الإفلاس في الدولة. حيث تشير هذه التعديلات، التي تتراوح بين منح محاكم الإفلاس سلطة تقديرية معززة وفرض حظر موسع على إجراءات المدين بعد الإفلاس، إلى تحول نحو نهج أكثر توازناً وملاءمة للأعمال التجارية. وهذه الإصلاحات تعد أساسية لا في تحسين إجراءات الإفلاس فحسب، بل أيضًا في دعم الاستقرار الاقتصادي وقدرة الشركات والأفراد على مواجهة المواقف المالية الصعبة.
لمزيد من المعلومات،يرجى الاتصال نايف يحيى و ستيفاني مالهام
ظافر شيخ أوغليشريك،تسوية المنازعات
كثرت في الآونة الأخيرة حالات الاقتراض الشخصي بين الأفراد لغايات شخصية، ونتيجة الثقافة المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط لناحية سهولة تسليم الأموال لأشخاص بناء على علاقة قربى أو نتيجة معرفتهم بشخص ذي ثقة أشاد بالمقترض أو أخلاقه، فتتم المعاملات المالية بعيدا عن المصارف ومكاتب الصرافة نتيجة تشديد الرقابة على الأموال الكبيرة أو على العملات الأجنبية واتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق السوداء لذات العملة نتيجة انخفاض قيمة بعض العملات في المنطقة، مثل سوريا والعراق ومصر وتركيا، فظهرت الحالات التي يتم فيها الاقتراض بالضمان الشخصي (الكفالة الشخصية) لشخص ذي قربى أو معرفة بطرفي العلاقة بموجب سند يسمى سند الكفالة والذي يجري توقيعه من الكفيل ليضمن المقترض استلامه قيمة
المبلغ المقترض عند الطلب أو عند حلول أجل القرض حيث تم تعريف الكفالة في قانون المعاملات المدنية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة في المادة (1056) على أنها:
ونتيجة الوعود المعسولة في كثير من الأحيان في سداد الدين وعدم اتخاذ الإجراء القضائي الرسمي للمطالبة باسترداد قيمة القرض تضيع حقوق المقرض ولا تنفعه حتى الإجراءات القضائية إذا تأخر في المطالبة القضائية عن المواعيد القانونية التي نص عليها القانون، فيسقط الحق في المطالبة بهذا الدين من الكفيل إذا ماطل المقترض أو الكفيل في السداد ولم يستشر المقرض صاحب المال القانونيين لمعرفة آلية حماية حقوقه وأمواله.
وقد قنن قانون المعاملات المدنية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة الفترة القانونية لمطالبة الكفيل بمدة ستة أشهر لا غير حيث نصت المادة (1092) قانون المعاملات المدنية على ما يلي:
وهي مدة قصيرة عمليا ويجب على المقترض أن يطالب بحقه قضائيا بشكل عاجل وسريع قبل مرور مدة الستة أشهر، وقد ميز القضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة بين الدين المدني والدين التجاري فالدين المدني هو الذي ينطبق عليه نص المادة (1092) في حين أن الدين التجاري لا ينطبق عليه هذا النص بل يخضع لفترة زمنية أطول باعتبار أن الكفالة التجارية لا تكون محدودة الزمن وإنما تكون ممتدة زمنيا وترتبط في نوعها بنوع الدين المكفول فإذا كان الدين المكفول تجاريا فلا تنطبق عليه أحكام مادة (1092) من قانون المعاملات المدنية وهو ما قال به الحكم الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا في الطعنين رقمي 330 و406 لعام 2024 تجاري بتاريخ 14-5-2024م حيث أشار إلى ما يلي:
((لا يجدي الطاعن القول بخروجه من الكفالة لأن مطالبة البنك له بصفته كفيلا لم تكن خلال ستة أشهر من تاريخ الاستحقاق وفقا لأحكام المادة 1092 من قانون المعاملات المدنية ذلك أن هذا الميعاد الذي حدده قانون المعاملات المدنية الذي أوجب على الدائن مطالبة الكفيل بالدين المكفول خلاله وإلا اعتبر الكفيل خارجا من الكفالة إن ما يسري على المعاملة التي لم يسبغ عليها الصفة التجارية أما كون الطاعن قد كفل الشركة بدين تجاري فإن كفالته تتبع هذا الدين بصفته وتكون تجارية على اعتبار أن التابع تابع ولا ينفرد بالحكم ...... وقد رد الحكم على الدفع بخروج الطاعنة من الكفالة بعدم انطباق المادة 1092 من قانون المعاملات المدنية على كفالة الطاعن للدين محل المطالبة لكونه دينا تجاريا)).
جميع الديون الناشئة عن المعاملات المصرفية والكفالات المتعلقة بها لا تخضع لأحكام السقوط المنصوص عليها في المادة (1092) من قانون المعاملات المدنية باعتبار أن الأعمال المصرفية هي أعمال تجارية بطبيعتها وبالتالي تكون الكفالة المتعلقة بها كفالة تجارية.
حيث اجتمعت الاجتهادات المستقرة على أن الكفالة ترتبط في نوعها مع نوعية الدين المكفول فإذا كان الدين مدنيا ولا يرتبط بعمل او نشاط تجاري فإن الكفالة المرتبطة به تكون كفالة مدنية وينطبق عليها نص المادة (1092) من قانون المعاملات المدنية في خروج الكفيل من الكفالة خلال ستة أشهر من تاريخ استحقاق الدين المكفول، أما إذا كان الدين المكفول تجاريا فإن الكفالة تكون تجارية بالتبعية ولا ينطبق عليها نص المادة (1092) من قانون المعاملات المدينة لأن نطاقها ونصها قاصر في التطبيق على الديون المدنية ولا يتعداه إلى الديون التجارية وعليه فإن جميع الديون الناشئة عن المعاملات المصرفية والكفالات المتعلقة بها لا تخضع لأحكام السقوط المنصوص عليها في المادة (1092) من قانون المعاملات المدنية باعتبار أن الأعمال المصرفية هي أعمال تجارية بطبيعتها وبالتالي تكون الكفالة المتعلقة بها كفالة تجارية.
وعليه فإننا نشير إلى ضرورة قيام المقترض في الديون العادية بمطالبة الكفيل في أسرع وقت ممكن ولا يتعدى فترة الستة أشهر بالدين الذي كفله وأن المصرف يستطيع مطالبة الكفيل التجاري في قيمة الكفالة، حتى لو بعد مرور أكثر من ستة أشهر على استحقاق الدين.
لمزيد من المعلومات،يرجى الاتصال ظافر شيخ أوغلي
محمد الدسوقيشريك،تسوية المنازعات
جرى العمل والعرف المصرفي على قيام البنك بإلزام الجهة المقترضة بتقديم كفيل سواء شخصي أو تجاري بموجبه يكفل الكفيل الالتزامات التي ستترتب على المقترض لصالح البنك جراء صرف التسهيلات وهذا الإجراء هو إجراء تحفظي يندرج تحت بند الضمانات التي يطلبها المصرف مسبقاً قبل صرف التسهيلات المصرفية حماية لحقوقه.
وحيث أن أبرز ما نراه في العمل المصرفي هو الكفالة الشخصية وهي الكفالة الصادرة عن شخص يكفل بها التزامات المقترض (سواء كان المقترض شركة أو شخص طبيعي) أو كفالة الشركات وهي الكفالة التي تكون صادرة عن شركة تجارية ضماناً لدين مقترض من شركة أو شخص وبموجبها تتعهد هذه الشركة بوصفها الكفيل بكفالة التزامات أو ديون المقترض
(قد تكون شركة شقيقة أو تكون كلا من الشركتين أعضاء في مجموعة شركات أو كيان تجاري كبير)
وحيث أننا وفي هذه المقالة سوف نتعرض للكفالة التي تكون صادرة عن شركة ذات مسؤولية محدودة بإعتبار أن هذا النوع من الشركات هو الأكثر شيوعاً بدولة الإمارات العربية المتحدة وذلك لسهولة المتطلبات التي يتطلبها القانون لتأسيس هذا النوع من الشركات وللميزة التي تمنحها هذه الشركات من حماية للشركاء حيث لا تنعقد المسؤولية الشخصية للشركاء فيها إلا بنصيب حصتهم في رأس المال فقط.
وحيث أن أحكام قانون الشركات التجارية الإتحادي وكذلك أحكام المحاكم الإماراتية قد استقرت على أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة لا تمثل إلا من خلال مديرها وهو وحده من تثبت اليه السلطة في تمثيل الشركة في تصرفاتها وعقودها وتعاملها مع الغير ذلك أن المدير يعتبر وكيلاً عن الشركة وجميع التصرفات التي يبرمها المدير تنصرف الى الشركة وتلتزم بها طالما انها خلت من الخطأ الجسيم أو الغش وطالما أن المدير قد أعلن عن صفته أثناء تعاقده مع الغير باسم الشركة.
وبناء على ما تقدم فقد استقر الفقه والقضاء على ضرورة توقيع سند الكفالة من قبل مدير الشركة كأحد شروط صحة الكفالة شريطة أن يكون المدير مخولاً ومفوضاً في ابرام الكفالات بالنيابة عن الشركة لاسيما وأن الكفالة بذاتها عمل خاص لا يندرج تحت بند أعمال الإدارة وإنما هو من قبيل أعمال التصرف لأنه يرتب على الشركة التزامات من شأنها أن تؤدي الى افقار الشركة وبالتالي فهو عمل يأخذ حكم أعمال التبرع ويستلزم أهلية وتفويض خاص للمدير يكون صادراً عن مجلس الشركاء في الشركة وقد نص على ذلك بالمادة (1095) من قانون المعاملات المدنية والتي نصت على:
يشترط في انعقاد الكفالة أن يكون الكفيل أهلا للتبرع"
أي أن القانون قد اعتبر أن الكفالة تتساوى مع أعمال التبرع من حيث الأهلية اللازمة لإجراءها والصلاحية المتوجبة للشخص الذي يبرم عقد الكفالة.
وقد جاءت المادة (83) من قانون الشركات التجارية الإتحادي لتنص على أن:
يتولى إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة مدير أو أكثر وفقا لما يقرره الشركاء في عقد التأسيس، ويتم اختيار هؤلاء المديرين من بين الشركاء أو من غيرهم، وإذا لم يعين المديرون في عقد تأسيس الشركة أو في عقد مستقل عينتهم الجمعية العمومية للشركاء، وإذا تعدد المديرون فإنه يكون للشركاء أن يعينوا مجلس مديرين، ويخول المجلس بالصلاحيات والوظائف المبينة في عقد التأسيس.
ما لم يقيد عقد تعيين مدير الشركة أو عقد تأسيسها أو نظامها الداخلي الصلاحيات الممنوحة للمدير، فإنه يكون مخولاً بمباشرة الصلاحيات الكاملة في إدارة الشركة وتعتبر تصرفاته ملزمة لها بشرط أن تكون مشفوعة ببيان الصفة التي يتعامل بها.
ومفاد ما تقدم، أن القانون قد استلزم أن يكون المدير هو من أصدر الكفالة بصفته مديرا للشركة شريطة أن يكون مفوضاً بذلك من الشركاء وبالتالي فإن صدرت الكفالة عن أحد الشركاء أو مدير غير مفوض بالتبرع فإنها تكون قد صدرت باطلة لصدورها من شخص لا يمثل الشركة قانوناً ولإنعدام أهليته للتبرع والكفالة بيد أن هذا التصرف قد يكون موقوفاً على إجازة الشركة له.
وحيث أننا قد تطرقنا لذات المسألة مؤخراً في أحد الدعاوى القضائية التي كانت متداولة أمام محاكم دبي حينما قضت محاكم دبي ببطلان الكفالة تأسيساً على أن تصرفات الشركاء لا تلزم الشركة طالما انها لم تصدر عن مدير الشركة باعتباره هو الممثل القانوني لها المعتبر قانوناً وقد أقامت الشركة الكفيلة دعوى ضد البنك للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها جراء خطأ البنك في اتخاذ إجراءات الحجز التحفظي على أموالها مستنداً على سند كفالة باطل وقامت بعرض الأضرار التي لحقت بها سواء من ناحية تجميد حساباتها البنكية أو رخصتها التجارية وعدم استطاعتها مباشرة نشاطها.
لذلك يتعين قيام المصرف والمؤسسات المالية المرخص لها بنشاط الإقراض أن تقوم بالتأكد من صلاحية الشخص الذي قام بالتوقيع على سند الكفالة خاصة اذا كانت الكفالة صادرة عن شركة حيث أن انتفاء هذه الصلاحية من شأنها أن يقضى ببطلان الكفالة وهو ما سوف ينتج عنه انتقاص ضمانات البنك وفرصه في تحصيل ديونه لأن بطلان الكفالة يؤدي الى خروج الكفيل من الضمان العام لمدينين البنك.
لمزيد من المعلومات،يرجى الاتصال محمد الدسوقي
صخر العقايلة مستشار قانوني أول,النقل والخدمات اللوجستية
شهد قطاع التأمين في دولة الإمارات العربية المتحدة تحديثًا تشريعيًا مهمًا من خلال إصدار مرسوم بقانون اتحادي رقم (48) لسنة 2023 بشأن تنظيم أعمال التأمين، الذي صدر في أكتوبر 2023 وأصبح نافذًا في نوفمبر 2023. هذا القانون الجديد أحدث تغييرات جوهرية في تسوية النزاعات التأمينية، مع الحفاظ على بعض العناصر من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2007 بشأن تنظيم عمليات التأمين ("قانون التأمين لعام 2007").
جانب آخر محوري لهذا التحديث التنظيمي هو إنشاء وحدة جديدة ومستقلة لتسوية المنازعات المصرفية والتأمينية في دولة الإمارات العربية المتحدة تدعى "سندك"، بما يتماشى مع الأهداف الواردة في المادة (121) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (14) لسنة 2018 بشأن المصرف المركزي، وتنظيم المنشآت، والأنشطة المالية ،وتعديلاته. تحدد اللائحة رقم 1659/2023 بشأن إنشاء وحدة تسوية المنازعات المصرفية والتأمينية في الإمارات العربية المتحدة ("اللائحة رقم 1659/2023") الإجراءات والآليات التي يتعيّن اتباعها في رفع الشكاوى وحلّها، إلى جانب توفير آلية للطعن على القرارات التي تصدرها وحدة تسوية المنازعات المصرفية والتأمينية، بالإضافة إلى تحديد كيفية تمويل الوحدة، وتعيين أعضاء مجلس الإدارة، وإشراك الأشخاص المعنيين في عمل وحدة تسوية المنازعات المصرفية والتأمينية.
وفي 7 مارس 2024، أعلن المصرف المركزي الإماراتي رسميًا عن إطلاق "سندك"، كما هو منصوص عليه في المادة 13 من اللائحة رقم 1659/2023: "وتباشر وحدة تسوية المنازعات المصرفية والتأمينية عملها الفعلي في غضون سنة واحدة من تاريخ النفاذ."
بالإضافة إلى ذلك، أصدر مجلس إدارة المصرف المركزي الإماراتي القرار رقم (10-أ/1/2024) بشأن اختصاص وصلاحيات ونظام عمل ورسوم لجان تسوية وحل المنازعات التأمينية لسنة 2024، والذي يُعتبر بمثابة استبدال لقرار مجلس إدارة هيئة التأمين رقم (33) لسنة 2019 بشأن نظام لجان تسوية وحل المنازعات التأمينية. وتعد "سندك" أول وحدة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية، والتي تعمل على الارتقاء بآليات حماية المستهلك وحل الشكاوى الناشئة من التعاملات مع المنشآت المالية وشركات التأمين المرخصة. بموجب القرار رقم (10-أ/1/2024)، ستتولى "سندك" كافة المهام المتعلقة بالتعامل مع شكاوى المستهلك التي كانت منوطة سابقاً بدائرة حماية المستهلك ولجنة تسوية وحل المنازعات التأمينية في مصرف الإمارات المركزي.
أنشئت وحدة "سندك" في عام 2023 من قبل مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي وتتمثل مهمتها الأساسية في تسوية الشكاوى المصرفية والتأمينية بين المستهلكين والمنشآت المالية وشركات التأمين المرخصة، بشكل مستقل وفقًا لقيم الحيادية والعدالة والشفافية. وهي الآن تتولى مسؤولية تسوية منازعات التأمين محل دائرة حماية المستهلك ولجنة تسوية المنازعات التأمينية في مصرف الإمارات المركزي. يشير هذا التحول إلى انتقال نحو عملية تسوية منازعات أكثر هيكلية وكفاءة، مما يضمن وسيلة أكثر فعالية لحل المنازعات.
جانب آخر محوري لهذا التحديث التنظيمي هو إنشاء وحدة جديدة ومستقلة لتسوية المنازعات المصرفية والتأمينية في دولة الإمارات العربية المتحدة تدعى سندك
أهداف "سندك" تتضمن توفير آلية شفافة ومحايدة لحل الشكاوى، وضع معايير ثابتة لحل شكاوى المستهلكين، تمكين المستهلكين من الحصول على المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب لاتخاذ قرارات مستنيرة، وتعزيز معرفة ووعي المستهلكين للتعامل مع المشكلات والشكاوى المتعلقة بالخدمات المصرفية والتأمينية.
تلتزم "سندك" بإمكانية الوصول والشمول، وتوفر قنوات متعددة لتقديم الشكاوى بحسب ما تقتضي المصلحة العامة، بما في ذلك منصة عبر الإنترنت وتطبيق جوال، بالإضافة إلى دعم مخصص لأصحاب الهمم وكبار السن من خلال مركز اتصال "سندك" والتقديم الشخصي في مكتبها في أبوظبي. تعقد اللجان جلساتها في إمارة أبوظبي وإمارة دبي، أما باقي مدن وإمارات الدولة فتعقد اللجان جلساتها بحسب ما تقتضي المصلحة العامة. يتم تحقيق قيد الشكوى والإعلان وتقديم المستندات والحضور والعلانية والمرافعة واستماع الشهود والخبراء والاستجواب والمداولة وإصدار القرار والتنفيذ بكافة إجراءاته المنصوص عليها في هذا النظام، إذا تمت كلياً أو جزئياً من خلال تقنية الاتصال عن بعد.
وفقًا للمادة 3 من القرار رقم 10/1/2024، تم إنشاء لجان دائمة لتسوية منازعات التأمين. ستعقد هذه اللجان اجتماعاتها في أبوظبي ودبي، مع توفير جلسات عن بُعد في الإمارات الأخرى حسبما تقتضيه المصلحة العامة، بما يتماشى مع لوائح "سندك".
تتكون كل لجنة من: رئيس قاضٍ، وقاضٍ عضو، وخبير أو أكثر يختاره المصرف المركزي. يخضع أعضاء اللجان لكافة الضوابط والالتزامات التي يخضع لها ويلتزم بها القضاة وفقًا للقوانين واللوائح والقرارات الصادرة في الدولة بهذا الشأن بقدر انطباقها عليهم.
تحديد الشكوى: حدّد طبيعة الشكوى التي تقدّمت بها وفئتها.
محاولة التسوية مع شركة التأمين: إذا فشلت شركة التأمين في الردّ خلال 30 يومًا على شكوى المستهلك، أو إذا كان المستهلك غير راضٍ عن التسوية، له الحق في تقديم شكوى.
الإقرار بصحة الشكوى: بمجرد استيفاء معايير الأهلية والتحقّق من المعلومات الداعمة، سيتلقى المستهلك إقراراً (عبر البريد الإلكتروني / الرسالة النصية القصيرة) يشتمل على رقم مرجعي. ثم يتمّ تحويل الشكوى إلى شركة التأمين المعنيّة.
ردّ شركة التأمين: يتوجب على شركة التأمين المعنيّة مراجعة الشكوى وتقديم حلّ خلال خمسة أيام عمل، شرط أن يقدّم المستهلك كافة المعلومات والوثائق المطلوبة.
إبقاء المستهلك على اطلاع: بعد أن تقوم شركة التأمين بتحديث حالة الشكوى في نظام "سندك"، سيتلقى المستهلك إشعاراً بالتسوية (عبر البريد الإلكتروني / الرسالة النصية القصيرة) وسيتمّ الاتصال به من قبل أحد مندوبي "سندك".
حلّ الشكوى: إذا لم يعترض المستهلك على الحلّ خلال 3 أيام عمل من استلامه، سيتمّ إغلاق الشكوى تلقائياً.
الطعن على القرار: إذا لم يكن المستهلك راضياً عن حلّ الشكوى، يمكنه الطعن بالتوجّه إلى لجنة تسوية المنازعات التأمينية من خلال نظام "سندك" عبر استيفاء معايير الطعن، إضافة إلى دفع رسوم أولية قابلة للاسترداد إذا كان القرار لصالحه.
ستقوم لجنة تسوية المنازعات التأمينية بمراجعة المعلومات والوثائق الداعمة المرفقة بالمنازعة المقدّمة مع بيان الدعوى الذي يجب تقديمه باللغة العربية. سيتمّ إخطار المستهلك برقم مرجع المنازعة وتاريخ جلسة اللجنة. (أ) في حال وجود نواقص أو عدم وضوح، سيتمّ تقديم طلب لدعم هذه المنازعة كتابياً عبر أنظمة "سندك"، مع ملاحظة للعميل بالالتزام بالفترة المسموح بها والتي تبلغ 5 أيام عمل. وفي حال الفشل، سيتمّ رفض المنازعة من قبل لجنة تسوية المنازعات التأمينية. (ب) بعد اكتمال المراجعة من قبل اللجنة، سيتمّ توزيع القرار النهائي على المستهلك وشركة التأمين المعنية، كتابياً، عبر نظام "سندك". إذا لم يكن أيّ من الطرفين راضياً عن قرار اللجنة، يمكنه متابعة الطعن في محكمة القانون، شرط أن تتجاوز قيمة المنازعة 50,000 درهم.
على لجنة الطعون اتخاذ قرار خطي يفيد بأن الشكوى:
أ. تم قبولها؛
ب. تم قبولها جزئياً؛ أو
ت. تم رفضها.
يفرض على المنازعات محددة القيمة رسم قدره 4% من قيمة المطالبة، ويكون الحد الأدنى مائة درهم والحد الأقصى 30,000 درهم. أما بالنسبة للمنازعات غير محددة القيمة، يفرض رسم ثابت قدره (3000) درهم. تطبق الأحكام الواردة في القانون الاتحادي رقم 13 لسنة 2016 بشأن الرسوم القضائية أمام المحاكم الاتحادية فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القرار.
يجوز لوحدة تسوية المنازعات المصرفية والتأمينية قبول الشكاوى المتعلقة بسلوك منشأة مالية مرخصة أو شركة تأمين، بما يشمل:
تقديم المنشأة المالية المرخصة أو شركة التأمين خدمة أو منتج أو عرض لتقديم أحد الخدمات أو المنتجات.
عدم تقديم المنشأة المالية المرخصة أو شركة التأمين خدمات أو منتجات محددة كان قد طلبها الشاكي لأسباب مبنية على التمييز على أساس الأسرة، أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي أو الجنس أو الانتماء إلى مجموعة أقلية.
وجود مزاعم بحدوث خسارة مالية أو ضرر لحق بالشاكي بسبب أي سلوكيات مخادعة، أو مضللة، أو احتيالية، أو غير عادلة من جانب المنشأة المالية المرخصة أو شركة التأمين أو من ينوب عنهما.
يجب تقديم الشكوى إلى وحدة تسوية المنازعات المصرفية والتأمينية خلال مدة لا تتعدى أي من المدتين الزمنيتين المحددتين تالياً، أيهما أطول:
أ. خلال ثلاث سنوات من تاريخ السلوك الذي أدى إلى تقديم الشكوى.
ب. خلال سنتين من تاريخ علم الشاكي بوقوع السلوك المؤدي إلى تقديم الشكوى.
يُدخل قانون التأمين 2023 تغييرات شاملة على إجراءات الاستئناف:
بالنسبة للمطالبات التي تقل قيمتها عن 50,000 درهم، تُعتبر قرارات "سندك" نهائية ولا يجوز لشركات التأمين الطعن عليها وتعتبر هذه القرارات نهائية وواجبة النفاذ فور صدورها.
بالنسبة للمطالبات التي تتجاوز هذا الحد، يجوز للشركة الطعن على قرار اللجنة أمام محكمة الاستئناف خلال (30) ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره أو العلم به، وإلا كان الطعن غير مقبول.
يتم الطعن على قرارات "سندك" أمام محكمة الاستئناف، وليس محكمة أول درجة كما كان الوضع سابقًا.
تعد قرارات "سندك" بشأن المنازعات التي تقل قيمتها عن 50,000 درهم قابلة للتنفيذ فوراً.
بالنسبة للمنازعات التي تتجاوز هذه القيمة، تعتبر مرحلة الاستئناف تعليقًا لتنفيذ القرار مؤقتًا.
يُمَكِّن قانون التأمين 2023 المصرف المركزي الإماراتي من لعب دور أكثر نشاطًا في القضايا القانونية المتعلقة بالتأمين، حيث تمنح المادة 104 من قانون التأمين 2023 المصرف المركزي السلطة في التدخل في أي دعوى مرفوعة أمام الجهات القضائية يكون أحد أطرافها شركة أو مهنة مرتبطة بالتأمين، وتقديم المعلومات والبيانات القيمة حسب الحاجة. يعزز هذا التدخل الإشراف التنظيمي ويضمن إبلاغ الإجراءات القضائية وتأسيسها على أسس جيدة.
تمثِّل التحديثات التشريعية الجديدة وإنشاء "سندك" تقدمًا كبيرًا في الإطار القانوني لدولة الإمارات بالنسبة لقطاع التأمين. تهدف هذه المبادرات إلى تعزيز الشفافية والكفاءة في تسوية منازعات التأمين، بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية ويضع معايير جديدة لحماية المستهلك. ينعكس ذلك على رؤية قيادة دولة الإمارات لخلق بيئة مالية موثوقة وميسورة التكلفة، مما يضمن تسوية منازعات عادلة وسريعة للمستهلكين والمؤسسات المالية على حد سواء. من الضروري على جميع أصحاب المصلحة التكيف مع هذا التشريع الجديد لضمان الامتثال للضوابط التشريعية الجديدة.
يلتزم فريقنا المتخصص بإبقائك مطلعًا ومدعومًا خلال التغيرات التشريعية والإجراءات الجديدة التي تخص قيد النزاعات والشكاوى التأمينية في "سندك". نحن نقدم إرشادات متخصصة لمساعدتك على التأقلم في هذه التغييرات، مما يضمن انتقالاً سلسًا إلى الإطار القانوني الجديد. من خلال الاستفادة من خبرتنا، نساعدك على فهم التشريع الجديد والامتثال لمتطلبات الجهات التنظيمية وإدارة أي تحديات تنشأ، مما يبقيك في طليعة المنحنى واثقًا في العمل ضمن المناخ القانوني الجديد.
لمزيد من المعلومات،يرجى الاتصال صخر العقايلة
عمار الكعبيمحامي،تسوية المنازعات
تتخذ الجرائم الضريبية مكانة خاصة في المنظومة القانونية لدولة الإمارات العربية المتحدة. تشكل هذه الجرائم تحديًا كبيرًا لسلطات الدولة نظرًا لتزايد الاقتصاد المعولم والتقدم التكنولوجي، حيث يسعى المخالفون إلى استغلال الثغرات في الأنظمة المالية والضريبية لتحقيق مكاسب غير مشروعة. قام المشرع الإماراتي بتعزيز نظم مكافحة الجرائم الضريبية عبر تطبيق مبادئ قانونية وإدارية فعّالة، تهدف إلى تحقيق العدالة الضريبية وحماية الاقتصاد الوطني، حيث رسم المرسوم بقانون اتحادي رقم 28 رقم (8) لسنة 2022 بشأن الإجراءات الضريبية والذي نظم عملية التصدي للجرائم الضريبية وأحكام تقادمها والتصالح عنها.
تلعب الضرائب دورًا حيويًا في تحقيق الاستقرار المالي والعدالة الاجتماعية وتمويل الخدمات العامة. تتضمن الفوائد الرئيسية للضرائب:
تحقيق التوزيع العادل للثروة: تسهم الضرائب في توزيع الثروة بشكل عادل بين أفراد المجتمع، مما يقلل الفوارق الاقتصادية.
تمويل الخدمات العامة: توفر الضرائب الموارد المالية لبناء وصيانة البنية التحتية وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية وتعزيز الأمن والدفاع.
تنظيم الاقتصاد: تُستخدم الضرائب لتنظيم الاقتصاد وتحفيز النمو الاقتصادي، من خلال فرض ضرائب على السلع الضارة وتقديم الحوافز الضريبية للاستثمارات.
تحفيز الابتكار والاستثمار في البحث والتطوير: تُشجع الضرائب الابتكار من خلال تخفيضات ضريبية على الأنشطة البحثية.
تتبنى دولة الإمارات نهجًا صارمًا لمكافحة الجرائم الضريبية، يتجلى في التشريعات والإجراءات القانونية الهادفة إلى فرض عقوبات فعّالة على المتهربين من الضرائب. في المادة (25) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (28) لسنة 2022 بشأن الإجراءات الضريبية، فصّلَ المشرع الإماراتي في تحديد الأفعال المادية المكونة للجرم الجنائي الضريبي، مع اشتراط تحقق شرط العمدية في الأفعال للقول بالتجريم، دون اشتراط حدٍ أدنى للمبلغ المتهرب منه، وتحديد صفة مرتكب الفعل فيما اذا كان المتهرب الضريبي، الشخص الذي قدم معلومات كاذبة، الشخص الذي قام بإخفاء المستندات، أو الشخص الذي يمنع ويعرقل عمل موظفي الهيئة، أو الشخص الذي شارك في الجرائم الضريبية ". وقد نص المرسوم بقانون اتحادي رقم (28) لسنة 2022 بشأن الإجراءات الضريبية على عدة نقاط جوهرية ومنها:
يُعد تجريم المخالفات الضريبية خطوة أساسية في التصدي لهذه الجرائم. تختلف الدول في تحديد الأفعال التي تُصنف كجرائم ضريبية، لكن الإمارات تميزت بتحديد واضح للأفعال التي تشكل تهربًا ضريبيًا والعقوبات المرتبطة بها، ومنها:
القيام أو الامتناع عمدًا عن أي فعل بالشكل الذي يكون معه إتيان الفعل أو الامتناع عنه يشكل تهربًا ضريبيًا.
تقديم معلومات أو بيانات خاطئة للهيئة الضريبية.
إخفاء أو إتلاف وثائق أو بيانات ملزم بحفظها.
منع أو عرقلة موظفي الهيئة من القيام بواجباتهم.
ينص قانون الاجراءات الضريبية على معاقبة الشريك في الجرائم الضريبية بنفس العقوبة المقررة للفاعل الأصلي. يشمل ذلك الأشخاص الذين يسهمون في ارتكاب الجريمة من خلال المساعدة أو التحريض أو التسهيل، ويكون الشريك في جرائم التهرب الضريبي مسؤولاً بالتكافل والتضامن مع الشخص الذي اشترك معه في سداد الضريبة مستحقة الدفع والغرامات الإدارية.
تتحمل الشخصيات الاعتبارية، مثل الشركات، المسؤولية الجنائية في حال ارتكابها للجرائم الضريبية. يهدف القانون إلى ضمان عدم إفلات الشركات من العقاب عندما تُرتكب الجرائم من خلال مديريها أو موظفيها أو وكلائها. على سبيل المثال، عندما تقوم شركة بالتهرب الضريبي، قد لا يكون هناك فرد محدد يمكن التعرف عليه كمسؤول عن الجريمة، ولكن قد تكون الإجراءات غير القانونية قد تمت نتيجة تعاون مشترك بين عدة أشخاص بصفتهم ممثلين للشركة. في هذه الحالة، يجب مساءلة الشخصية الاعتبارية نفسها.
تتنوع العقوبات المقررة على الجرائم الضريبية في الإمارات بين الحبس والغرامة والمصادرة والنشر. تتميز العقوبات بصرامتها لضمان الامتثال الكامل للقوانين الضريبية:
الحبس وفقاً للقواعد العامة.
الغرامة، والتي قد تصل إلى ثلاثة أضعاف الضريبة المستحقة.
النشر: نشر الحكم أو ملخصه بناء على طلب الهيئة.
المصادرة: مصادرة الأموال والأشياء المتعلقة بالجريمة.
نظمت المادة (46) من قانون الإجراءات الضريبية، المكونة من (8) بنود، أحكام التقادم بشكل مفصّل. نص البند (1) على منع الهيئة من إجراء تدقيق ضريبي أو إصدار تقييم ضريبي بعد مرور خمس سنوات من نهاية الفترة الضريبية ذات الصلة، مع استثناء الحالات المتعلقة بتقديم تصريح ضريبي طوعي في السنة الخامسة، حيث يُسمح بإجراء التدقيق أو إصدار التقييم خلال سنة واحدة من تاريخ تقديم التصريح. البند (6) أجاز للهيئة إجراء تقييم ضريبي أو إصدار تقييم ضريبي في حالة التهرب الضريبي خلال (15) سنة من نهاية الفترة الضريبية التي وقع خلالها التهرب. كما ينص المرسوم بقانون على انقطاع التقادم إذا قامت الهيئة بتبليغ الخاضع للضريبة ببدء إجراءات التدقيق الضريبي وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 46، ويجوز لمجلس الوزراء إصدار قرار لتعديل المدة المحددة لإتمام التدقيق أو إصدار التقييم.
أجاز المشرع الإماراتي في اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون اتحادي (28) لسنة 2022 بشأن الإجراءات الضريبية التصالح في الجرائم الضريبية وفقًا لشروط وإجراءات محددة. يُعد التصالح إجراءً استثنائيًا، يهدف إلى تسوية النزاعات الضريبية بشكل ودي مقابل سداد الضرائب والغرامات المستحقة. ينقسم التصالح إلى مراحل:
تشمل إجراءات التصالح لدى الهيئة الاتحادية للضرائب، كما هو محدد في اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون بشأن الإجراءات الضريبية، آليات واضحة للتعامل مع جرائم التهرب الضريبي والامتناع العمدي عن سداد الغرامات الإدارية. وفقًا للبند الأول والثاني من المادة (23)، يمكن للهيئة التصالح قبل تحريك الدعوى الجزائية بشرط سداد كامل الضريبة المستحقة والغرامات الإدارية. في بعض الجرائم، يمكن التصالح بعد دفع مبلغ 50,000 درهم، وإذا نتج عنها تهرب ضريبي، يتم سداد كامل المستحقات كشرط للتصالح. كما يحدد البند الأول والثاني من المادة (24) إجراءات تقديم طلب التصالح، والذي يجب أن يتضمن تعهد الشخص بسداد كامل المبالغ المستحقة، وتقوم الهيئة بقبول أو رفض الطلب بناءً على الشروط المذكورة.
تتضمن اللائحة التنفيذية أيضاً إجراءات التصالح لدى النيابة العامة قبل وبعد صدور حكم بالإدانة، ، وفقاً للبند الثالث والرابع من المادة (23). يمكن للنيابة العامة التصالح في الجرائم الضريبية بعد تحريك الدعوى الجزائية وأثناء التحقيق والمحاكمة وقبل صدور حكم بالإدانة، وذلك بعد استطلاع رأي الهيئة. تشمل هذه الإجراءات سداد كامل الضريبة المستحقة والغرامات الإدارية بالإضافة إلى نسبة من الضريبة المتهرب منها. بعد صدور حكم بالإدانة، يمكن التصالح مقابل سداد المبالغ المذكورة في للبند الرابع من المادة (23)، حيث يتطلب سداد 75% من الضريبة المتهرب منها بالإضافة إلى الغرامات الإدارية.
وتوضح المادة (24) من اللائحة التنفيذية إجراءات تقديم طلب التصالح من المتهم أو المحكوم عليه، والتي تتضمن تحرير محضر بالتصالح وإيقاف تنفيذ العقوبة المحكوم بها إذا تم التصالح أثناء تنفيذها ولو صار حكم الإدانة باتاً. يتضمن المحضر تفاصيل المتهم والتهم المنسوبة إليه ومقدار الضريبة والغرامات المستحقة، ويوقع عليه الطرفان ويعتمد من النائب العام. كما يتم تضمين خطة سداد المبالغ المؤجلة أو المقسطة إذا تم الاتفاق على ذلك. تؤدي عملية التصالح إلى انقضاء الدعوى الجزائية وإلغاء ما ترتب عليها من آثار، ويمكن أن تمتد آثار التصالح إلى جميع المتهمين في ذات الواقعة.
لمزيد من المعلومات،يرجى الاتصال عمار الكعبي