السعودية
محمد نجممستشار قانوني،حل المنازعات
في ظل مساعي فهم أعمق للملامح القانونية والتحديات المصاحبة لقضايا التحكيم وبطلان الأحكام ضمن الإطار القضائي بالمملكة العربية السعودية، نطالع في هذا المقال نزاعًا تجاريًا احتدم بين طرفين تُوج بحكم تحكيم مثير للجدل. تتمثل القضية في الاستناد إلى "إقرار وتعهد والتزام متبادل" كوسيلة لتسوية النزاعات تحت مظلة التشريعات السعودية.
تعقيدات عديدة خيمت على مسار التحكيم، مما دفع نحو رفع دعوى لبطلان الحكم الصادر، مستندة إلى مخالفات تتصل بالمعايير الشرعية والقانونية. تُشير الاتهامات إلى أن الحكم جاء مخالفًا للشريعة الإسلامية والنظام العام، وأن الممارسات التحكيمية المتبعة لم تستوفِ الضوابط القانونية المتعارف عليها.
يُثير هذا السياق تساؤلات عميقة بشأن فاعلية التحكيم كوسيلة لفض النزاعات التجارية والتحديات الممكنة التي قد تعترض الأطراف عند اختيار هذه الوسيلة بديلاً عن القضاء النظامي. وسنحاول في هذا المقال النظر والبحث عن معادلة توازن بين سرعة ومرونة التحكيم وضرورة ضمان العدل والالتزام بالقواعد القانونية والشرعية، مما يقتضي دراسة معمقة وتقييمًا دقيقًا لكل حالة بما يضمن تحقيق العدالة والإنصاف لكل الأطراف المعنية، والاستفادة من منظومة التحكيم على التفصيل التالي:
قبل الخوض في تفاصيل القضية يجب فهم أحكام دعوى البطلان في إطار نظام التحكيم السعودي الصادر في عام 2012م، إذا تعتبر دعوى البطلان لأحكام التحكيم واحدة من الأدوات القانونية الهامة لضمان العدالة والتقيد بالإجراءات القانونية الصحيحة. الهدف الأساسي من دعوى البطلان هو توفير وسيلة للطعن في حكم التحكيم الذي يصدر بما يخالف أحكام النظام أو الشريعة الإسلامية.
أسباب البطلان المنصوص عليها في نظام التحكيم السعودي:
حدد نظام التحكيم على سبيل الحصر الأسباب التي يمكن من خلالها طلب بطلان حكم التحكيم أمام المحكمة السعودية
عدم وجود اتفاق تحكيم أو بطلان الاتفاق: يشمل هذا السبب الأحكام التي صدرت بناءً على اتفاق تحكيم غير موجود أو باطل أو قابل للإبطال، أو انتهت مدته.
فقدان أو نقص الأهلية لدى أحد الأطراف عند إبرام اتفاق التحكيم: يتعلق هذا السبب بالأطراف التي لا تمتلك الأهلية القانونية الكاملة وفقاً للقوانين التي تحكمهم.
عدم القدرة على تقديم الدفاع بشكل كاف: يتضمن هذا السبب الحالات التي لم يتم فيها إبلاغ أحد الأطراف بشكل صحيح بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو أي سبب آخر خارج عن إرادته مما أثر على قدرته على الدفاع.
مخالفة تشكيل هيئة التحكيم للنظام أو الاتفاق: هذا يشير إلى تكوين هيئة التحكيم بطريقة تخالف النظام الأساسي للتحكيم أو الاتفاقات المبرمة بين الطرفين.
الفصل في مسائل خارج نطاق اتفاق التحكيم: إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لم تكن مدرجة ضمن اتفاق التحكيم، وإذا كان بالإمكان فصل الأجزاء المتعلقة بالمسائل المشمولة بالتحكيم عن تلك التي ليست كذلك، يقتصر البطلان على الأجزاء الأخيرة فقط.
عدم مراعاة شروط صحة حكم التحكيم أو الاستناد على إجراءات باطلة: يتضمن هذا السبب الحالات التي لم تلتزم فيها هيئة التحكيم بالمتطلبات القانونية اللازمة لصحة الحكم، أو تأثر مضمون الحكم بإجراءات تحكيمية باطلة.
وفقاً لنظام التحكيم، تكون المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان هي محكمة الاستئناف المختصة أصلاً بنظر النزاع. وفي حالات التحكيم التجاري الدولي، يكون الاختصاص لمحكمة الاستئناف في الرياض، ما لم يتفق طرفا التحكيم على محكمة استئناف أخرى في المملكة.
من خلال دعوى البطلان، يُمنح النظام القضائي السعودي الصلاحية لمراجعة وضمان أن أحكام التحكيم إلا تتعارض مع الشريعة الإسلامية والنظام العام، مما يكفل العدل والتقيد بالمعايير القانونية المرعية مع التنويه على أن سلطة المحكمة في دعوى البطلان لا تشمل موضوع الدعوى، ولأن سلطتها تقف عند التحقق من وجود أحد أسباب البطلان من عدمه فإذا وجدت أي سبب تحكم في دعوى البطلان فقط ولا تصدر أي حكم متصل بموضوع النزاع.
بتاريخ 05/07/2010م، أبرمت اتفاقية بيع حصص في شركة بدولة الإمارات بين كل من المحتكم ضده والمحتكم، بقيام المحتكم ضده بشراء حصة يملكها المحتكم في هذه الشركة مقابل مبلغ 18,000,000 مليون درهم إماراتي.
بتاريخ 26/09/2011م، أبرمت اتفاقية مخالصة بين المحتكم ضده والمحتكم موضوعها اتفاق الأطراف على تصفية اتفاقية بيع الحصص المؤرخة 05/07/2010م، وإنهاء كافة الآثار والالتزامات القانونية والمادية المترتبة عنها.
بتاريخ 24/11/2021م، تقدم والمحتكم بطلب أمام محكمة دبي الابتدائية لاستصدار أمر أداء ضد المحتكم ضده للمطالبة بقيمة بيع الحصص حسب الاتفاقية المؤرخة 05/07/2010م، وصدر الأمر لصالحه في مواجهة المحتكم ضده دون سابق علم لهم بهذه القضية، متضمنًا الأمر بـإلزامه بـ "سداد 18مليون درهم إماراتي وفائدة سنوية بنسبة ٩٪ من المبلغ المحكوم به وألف درهم إماراتي وأتعاب محاماة".
اعترض المحتكم ضده على أمر الأداء أمام محكمة الاستئناف بدبي لعدم اختصاص ولعيوب إجرائية في حكم أمر الأداء وعدم صحة مبلغ المطالبة لوجود اتفاقية المخالصة (26/09/2011م).
نظرًا لتعرض المحتكم ضده لأضرار وخسائر في مصالحه، نتيجة منعه من السفر من الإمارات، تواصل مع المحتكم لتسوية موضوع أمر الأداء، نتج عنه أنه بتاريخ 30/11/2021م، اتفاقية بعنوان (إقرار وتعهد والتزام متبادل) ("الوثيقة محل النزاع" أو اتفاق التحكيم" أو "شرط التحكيم" أو “الإقرار")، بين المحتكم ضده والمحتكم ، مضمونها تنازل المحتكم عن أمر الأداء وما يستتبعه من إجراءات إيقاف للتنفيذ خلال يومي عمل من تاريخ الاتفاقية، نظير قيام المحتكم ضده بسداد مبالغ إجمالية تبلغ (7) مليون ريال سعودي لثلاثة من دائني المحتكم "حوالة دين" قبل تاريخ 31/5/2022م.
قام المحتكم بالتنازل عن أمر الأداء وفقا للاتفاق، استتبعه صدور حكم محكمة الاستئناف بدبي بانقضاء الدعوى المرفوعة من المحتكم ضده للصلح والتسوية بين الطرفين، وقام المحتكم ضده بسداد المبالغ المطلوبة لأثنين من ثلاثة دائنين وحصل على مخالصة منهم بذلك، ولكن لم يتمكن من التوصل إلى الدائن الثالث لسداد مستحقاته، وعلى ذلك قام المحتكم باللجوء للتحكيم، بدعوى عدم وفاء المحتكم ضده بالتزاماته قبل تاريخ 31/5/2022م، وبفعل تم بدء إجراءات التحكيم، وصدر حكم هيئة التحكيم محل دعوى بطلانه لصالح المحتكم، حيث قررت هيئة التحكيم بالأغلبية، مع وجود رأي مخالف من عضو هيئة التحكيم الحكم بما يلي:
إلزام المحتكم ضده بدفع مبلغ قدره (18,000,000) درهم إماراتي للمحتكم
إلزام المحتكم ضده بأن يدفع كامل تكاليف التحكيم التي دفعها المحتكم
إلزام المحتكم ضده بأن يدفع تعويضًا عن الضرر المترتب على اتعاب التقاضي التي تكبدها المحتكم
رد جميع طلبات المحتكم ضده.
وجد المتحكم ضده الحكم مجحف بحقه حيث قام بإقامة دعوى بطلان أمام محكمة الاستئناف بالرياض مستندا إلى الأسباب التالية:
السبب الأول: اتفاق التحكيم سقط بانتهاء مدتهفي ضوء الأحداث المرتبطة باتفاق التحكيم الموقع بين طرفي التحكيم، والذي تمثل في اتفاقية "إقرار وتعهد والتزام متبادل" بتاريخ 30/11/2021م، تنص الفقرة (2) من البند (أولاً) منه على أنه في حال عدم تنفيذ المحتكم أي من الالتزامات الموجودة في الإقرار المشار إليه، يعتبر هذا الإقرار لاغياً وكأن لم يكن.
الالتزام المحوري الذي كان يتوجب على المحتكم الوفاء به يتمثل في التنازل عن أمر الأداء الصادر من محكمة دبي الابتدائية خلال يومي عمل من تاريخ التوقيع على الإقرار. ومع ذلك، تم التنفيذ في تاريخ 5/12/2021م، أي بتأخير ثلاثة أيام عن المدة المحددة.
هذا التأخير قد تم التصديق عليه من خلال حكم محكمة الاستئناف بدبي، حيث أشار الحكم إلى أن الإجراءات التي تم تقديمها بعد التاريخ المحدد قد جعلت الاستئناف غير ذي جدوى، نظرًا للتصالح والتسوية التي تمت بين الطرفين. هذا الحدث يعكس انتفاء آثار الإقرار وبالتالي فإن اتفاقية التحكيم، وكل ما يتضمنه من بنود بما في ذلك انعقاد هيئة التحكيم وتشكيلها ونظرها في النزاع، قد سقطت.
وفقًا لما تقدم، يتضح أن الحالة المذكورة تدخل ضمن الحالات الموجبة لبطلان حكم هيئة التحكيم، استناداً إلى أحكام نظام التحكيم (م/50-1/أ)، مما يؤكد بطلان أية أحكام صادرة على أساس هذا الاتفاق.
السبب الثاني: فصل حكم هيئة التحكيم في مسائل لم ينص عليها باتفاقية التحكيمحددت اتفاقية التحكيم، الموقعة بتاريخ 25/04/1443ه الموافق 30/11/2021م، المعروفة بـ"إقرار وتعهد والتزام متبادل"، نطاق التزامات وحقوق الطرفين بدقة متناهية. الالتزام الرئيسي الموكل للمحتكم كان يتمثل في التنازل عن أمر الأداء المتعلق بالمعاملة المحددة، والذي صدر من محكمة دبي الابتدائية وذلك كشرط أساسي لاستيفاء المحتكم ضده لالتزاماته ضمن نفس الاتفاق.
واتفاقية التحكيم المشار إليها لم تشمل أو تنص على معاملات أخرى كبيع حصص في شركة أو أي مخالصة نهائية بين الطرفين، وقد تم التركيز فقط على التنازل عن أمر الأداء دون غيره من الالتزامات أو الحقوق المالية الأخرى كالمطالبة بمبلغ الـ 18 مليون درهم إماراتي الناتج عن بيع الحصص.
بالرغم من ذلك، صدر حكم هيئة التحكيم بإلزام المحتكم ضده بدفع ثمن بيع الحصص في شركة في اتفاقية أخرى مبرمة سابقًا بتاريخ 5/7/2010م والبالغ 18,000,000 درهم إماراتي. مما يعد تجاوز واضح لنطاق النزاع الذي تم تحديده والمنصوص عليه في اتفاق التحكيم.
هذه الممارسة تشكل مخالفة للنصوص القانونية والإجرائية المحددة بموجب المادة 50 من نظام التحكيم، التي تنص على أنه لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال التي يفصل فيها الحكم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم.
السبب الثالث: استبعد حكم هيئة التحكيم تطبيق القواعد النظامية التي اتفق طرفا التحكيم على تطبيقهااتفق الطرفان، بموجب اتفاقية التحكيم الموقعة في 25/4/1443هـ الموافق 30/11/2021م، على خضوع نزاعهما للأنظمة والتشريعات المعمول بها في المملكة العربية السعودية، وأن تتم معالجة الخلافات بينهما وفقاً للشريعة الإسلامية، ما يشير إلى تقييد الطرفين للإقرار والالتزامات المترتبة عليه بالنظام السعودي. تحديداً، تنص المادة 18 من نظام الإثبات السعودي على أن الإقرار حجة على صاحبه ولا يقبل الرجوع عنه، مما يعني أن المقر بإقراره ملزم بما أقر به من التزامات أو تنازلات.
وفقًا لوقائع القضية، أقر المحتكم بتنازله النهائي عن أمر الأداء، كما هو موثق في محاضر جلسات هيئة التحكيم، حيث نقلت الهيئة تأكيدات المحتكم عن نهائية تنازله. إلا أن هيئة التحكيم لم تعمل بمقتضى هذا التنازل وقررت تجاهله، مما يمثل تناقضًا مباشرًا مع الأسس القانونية التي خضع لها الطرفان بموجب اتفاقيتهما، وبالتحديد القواعد المتعلقة بالإقرار وأحكام نظام الإثبات.
كما أن الاتفاقية نصت على ضرورة السعي للتوصل إلى تسوية ودية قبل التحكيم، بيد أن المحتكم قد تجاهل هذا الشرط الجوهري وتوجه مباشرة إلى التحكيم، دون الالتزام بمهلة الخمسة عشر يوماً المنصوص عليها للتفاوض والصلح. وبذلك تجاهلت هيئة التحكيم كذلك هذا الجانب الهام من الاتفاقية، ما يشير إلى إهمال تطبيق الشروط التي اتفق عليها الطرفان.
هذه التجاوزات من هيئة التحكيم تشكل أساسًا قويًا لطلب بطلان الحكم، إذ تخالف صراحةً النظام السعودي والقواعد النظامية التي كان من المفترض تطبيقها على النزاع، كما هو منصوص عليه في المادة 50 من نظام التحكيم السعودي، الذي يحدد حالات قبول دعوى بطلان حكم التحكيم.
السبب الرابع: مخالفة حكم هيئة التحكيم أحكام الشريعة الإسلامية وما اتفق عليه طرفا التحكيموهو من أهم الشروط كون الشريعة الإسلامية هي الأساس الذي يقوم على النظام القانوني السعودي، حيث جانب حكم هيئة التحكيم قد جانب الصواب من حيث موافقته لأحكام الشريعة الإسلامية ومخالفته للاتفاق الواضح بين الطرفين مما يعطي الأساس لطلب بطلانه وفقاً للمادة 50، فقرة 2 من نظام التحكيم السعودي على التفصيل التالي:
المخالفة الشرعية في تكييف المعاملة المالية: الفرض المطروح حول التزام المحتكم بتنازله عن مبلغ 18 مليون درهم إماراتي مقابل استلام 6.9 مليون ريال سعودي يشكل معاملة ربوية محرمة شرعاً، حيث تتمثل في بيع العملة بسعر مؤجل مختلف عن سعر الصرف الفوري، وهو ما يخالف أحكام البيع والشراء في الشريعة الإسلامية التي تتطلب التقابض الفوري في معاملات الصرف.
الإشكاليات في تكييف حوالة الدين: بفرض صحة تنازل المتحكم عن المبلغ كحوالة دين، فإن ذلك يطرح مشكلات فقهية تتعلق بشروط حوالة الديون. ففي الفقه الإسلامي يشترط لصحة حوالة الدين تطابق الدينين في الجنس والوصف والوقت والقدر لصحة الحوالة، وأي اختلاف يحول العملية إلى بيع قد يكون باطلاً، فحوالة دين بمبلغ سبعة ملايين مقابل التنازل عن دين 18 مليون محل نظر بين فقهاء الشريعة والعلة في ذلك تجنب المعاملات الربوية التي قد تنطوي على عدم العدالة.
براءة ذمة المحتكم: استنادًا إلى القواعد الفقهية، إذا تمت الحوالة وفق الشروط الشرعية، تبرأ ذمة المحتكم من الدين مباشرة. وقد أقر المحتكم بأن التنازل كان نهائياً وشاملاً للأطراف الثلاثة المعنية، وهذا يعتبر إقرارًا يجب احترامه حسب النظام، وهو ما يجعله غير ذي صفة في المطالبة بعد حوالة الدين.
تجاهل الإقرار وشروطه: حكم هيئة التحكيم تجاهل تماماً الإقرار الذي وقع عليه الطرفان والذي يحتوي على شروط جوهرية للتنازل والمستحقات المالية. تنازل المحتكم دون الاعتداد بالشروط المتفق عليها يعد خرقًا للقاعدة الفقهية التي تنص على أن "المسلمون على شروطهم"، مما يستلزم مراعاة هذه الشروط في أحكام التحكيم. فالشروط بين الطرفين تكون بحسب الأًصل في
حكم المحكمة في دعوى البطلان: نظرت محكمة ستئناف الرياض القضية وحكمت إبطال حكم التحكيم الذي ألزم المحتكم ضده بدفع مبلغ قدره (18,000,000) درهم إمارتي للمحتكم كما قامت بإلغاء التزام المحتكم ضده بدفع تكاليف التحكيم وإلغاء التزام المحتكم ضده بدفع تعويض عن الضرر المترتب على أتعاب التقاضي التي تكبدها المحتكم، واستندت في حكمها إلى الأسباب التالية
مخالفة حكم التحكيم لأحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام: انطلاقًا من مبدأ أن العقود شريعة المتعاقدين في الشريعة الإسلامية، واستنادًا إلى الإقرار الموقع بين الأطراف في 30/11/2021م، والذي ينص على شروط لم يراعِها الحكم التحكيم، مما يؤدي إلى انعدام صحته شرعاً وقانونا. يجب أن يكون الحكم متوافقًا مع الشروط المتفق عليها والنظام العام بالمملكة، ولكن الحكم التحكيم خالف هذه الأسس بإلزامه شخصاً بالدفع لمن لم يكن طرفًا في الاتفاقية الأصلية، مما يشكل مخالفة واضحة للأصول التعاقدية.
عدم توافق الحكم مع الإقرار المبرم: حكم التحكيم لم يراع الشروط المتفق عليها في الإقرار المبرم بين الأطراف، بما في ذلك شروط التنازل والأداء التي نص عليها الإقرار. هذا الإغفال يؤدي إلى عدم مراعاة الحقوق والالتزامات كما حددها الطرفان.
استبعاد الحكم للشروط الجوهرية: عدم مراعاة حكم التحكيم للشروط الجوهرية الواجب توافرها في الحكم بطريقة تؤثر في مضمونه، حيث استند الحكم على إجراءات تحكيم باطلة أثرت فيه، وفقاً للفقرة (ز) من المادة (50) من نظام التحكيم.
هذه الأسباب مجتمعة شكلت الأساس الذي قاد محكمة الاستئناف في الرياض إلى إبطال حكم التحكيم، مؤكدة أهمية الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية والنظام القانوني بالمملكة في جميع المعاملات وإجراءات التحكيم
في ختام هذا المقال، يتضح أن مبادئ العدالة والالتزام بالأطر القانونية والشرعية تشكل الركائز الأساسية في نظام التحكيم، لا سيما في المملكة العربية السعودية. الدراسة المفصلة للقضية التي نوقشت تبرز الأهمية القصوى لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين المحلية بشكل صارم ودقيق، خصوصاً في الأمور المتعلقة بالتحكيم.
لقد أظهرت قرارات محكمة الاستئناف في الرياض أن الحرص على الالتزام بالقواعد والشروط المتفق عليها بين الأطراف، واحترام الإجراءات القانونية المستحقة، يُعد أمراً حاسماً لضمان العدالة والإنصاف. من هذه القضية، نستلهم الحاجة إلى الوعي القانوني والتأكيد على أهمية النص القانوني والشرعي في توجيه أحكام التحكيم، مما يكفل تحقيق التوازن والعدالة بين الأطراف، ويعزز ثقة الأفراد والمؤسسات في نظام التحكيم كوسيلة فعالة وعادلة لحل النزاعات.
لمزيد من المعلومات،يرجى الاتصال محمد نجم
تم النشر في أيلول 2024