قانون التأمين الموحد الجديد
علي الهواريشريك، رئيس الخدمات المصرفية والمالية - مصر
ياسمين قطبيمستشار أول
الترجمة مقدمة من فنسنت بيرسيفال
صدر قانون التأمين الموحد الجديد رقم 155 لسنة 2024 رسمياً في 11 يوليو 2024، وذلك بعد فترة ممتدة من المداولات والمناقشات. يمثل هذا التشريع نقلة نوعية في تحديث وتنظيم قطاع التأمين من خلال توحيد الإطار التنظيمي لمختلف أنشطة التأمين في مصر. ويهدف هذا التوحيد للتشريعات المتفرقة سابقاً إلى تعزيز الوضوح القانوني، وترشيد البيئة التنظيمية، وإرساء إطار عمل أكثر كفاءة لجميع الأطراف المعنية في صناعة التأمين.
إعادة تصميم النظام
يُلغي القانون الجديد ويجمع عدداً من التشريعات السابقة، وتشمل:
قانون صناديق التأمين الخاصة رقم 54 لسنة 1975.
قانون الإشراف والرقابة على التأمين رقم 10 لسنة 1981.
قانون التأمين الإجباري عن المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع رقم 72 لسنة 2007.
المواد 747-771 من القانون المدني رقم 131 لسنة 1948.
كما يتضمن القانون تنظيم نشاط التأمين وإعادة التأمين التكافلي الذي كان يخضع سابقاً لقرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 23 لسنة 2019. يؤدي هذا التوحيد إلى تبسيط الإطار التنظيمي وتوفير منظومة شاملة لكافة عمليات التأمين في مصر.
الرقابة التنظيمية
يمنح القانون الجديد الهيئة العامة للرقابة المالية سلطة تنظيمية مركزية، حيث يخولها الاختصاص الحصري على جميع أنشطة التأمين وإعادة التأمين والمهن والخدمات المرتبطة بها. وتتولى الهيئة مسؤولية ضمان امتثال القطاع والإشراف على إصدار التراخيص والمعايير التشغيلية وجهود التحول الرقمي. كما تختص الهيئة بتنظيم المشاركة في أنظمة الاستعلام الائتماني.
يُتوقع أن يُحدث القانون الجديد تحسينات جوهرية في قطاع التأمين المصري عبر ثلاثة محاور رئيسية: تبسيط الإجراءات التنظيمية، وتطبيق التحول الرقمي، وتوسيع مظلة التغطية التأمينية.
أنواع وفروع التأمين الجديدة
يوسع القانون الجديد نطاق قطاع التأمين من خلال استحداث أنواع جديدة من التغطيات التأمينية، تشمل:
مزودي الخدمات الإدارية كطرف ثالث1.
شركات التأمين الطبي المتخصصة طويلة وقصيرة الأجل2.
شركات التأمين متناهي الصغر.
التأمين ضد مخاطر عدم السداد.
تأمين دفعات التقاعد.
التأمينات الزراعية.
تأمينات الطاقة.
تأمينات العلاج الطبي قصير الأجل.
التأمين ضد المخاطر الإلكترونية.
وتحتفظ الهيئة العامة للرقابة المالية بصلاحية استحداث أنواع جديدة من التغطيات التأمينية وفقاً لما تراه ضرورياً، مما يضمن المرونة في التكيف مع احتياجات السوق المتطورة.
تسوية المنازعات
يحدد القانون الجديد المحاكم الاقتصادية المصرية كجهة اختصاص أصلية للفصل في المنازعات المتعلقة بالتأمين، مع وجود استثناءات محددة يؤول فيها الاختصاص لمجلس الدولة. ولتعزيز الشفافية، تم إنشاء لجان للتظلم للنظر في الطعون المقدمة ضد القرارات الإدارية الصادرة عن الهيئة. ويتعين على هذه اللجان إصدار قراراتها خلال 30 يوماً من تاريخ اكتمال المستندات. كما يُشترط سداد رسم تظلم قدره 20,000 جنيه مصري، يُرد في حالة قبول التظلم.
المخالفات والجزاءات
يحدد القانون الجديد المخالفات التي تشمل مزاولة النشاط التأميني دون ترخيص، ومخالفة معايير الهيئة، والغش، ومخالفة الأسعار، والتأخر في تسليم القوائم المالية. وتتراوح العقوبات بين غرامات من 1,000 جنيه مصري إلى 20,000,000 جنيه مصري، مع تشديد العقوبة في حال تجاوزت المكاسب المالية من المخالفات هذه المبالغ. وفي الحالات الجسيمة، قد يواجه المخالفون عقوبة الحبس أو المنع من مزاولة النشاط التأميني لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. كما يمكن مساءلة مديري الشركات عن التغاضي عن المخالفات عن علم، مع تحمل الشركات المسؤولية التضامنية عن مخالفات موظفيها.
مهلة توفيق الأوضاع
يُلزم جميع المخاطبين بأحكام القانون الجديد بتوفيق أوضاعهم بحلول 11 يوليو 2025، وللهيئة تمديد هذه المهلة لفترات أخرى تصل إلى ثلاث سنوات.
تأثير القانون الجديد على قطاع التأمين
من المتوقع أن يُحدث القانون الجديد أثراً إيجابياً على قطاع التأمين في مصر، حيث يُرسي بيئة تنظيمية مستقرة تجذب الاستثمارات وتعزز المنافسة. ومن خلال طرح منتجات مبتكرة والتوافق مع أفضل الممارسات الدولية، يعزز القانون كفاءة السوق والثقة العامة. ويستفيد حملة الوثائق من توسيع خيارات التغطية وتعزيز الحماية القانونية، بينما تحظى الشركات بإطار تنظيمي ميسر.
وفي المجمل، يمثل قانون التأمين الموحد خطوة تحولية في تحديث صناعة التأمين في مصر، ودعم النمو الاقتصادي، وترسيخ مكانة البلاد كمركز إقليمي للتأمين وإعادة التأمين.