قانون إصلاح القوانين الاقتصادية في العراق - إزالة العوائق أمام التنمية الاقتصادية
محمد نوريشريك، رئيس المكتب - بغداد
جواد خلفشريك، رئيس قسم التقاضي - العراق
زين عنانيمحامي معرفة أول
علي محمودمحامي متدرب
عبدالله منجدمحامي متدرب
يُعد قانون إصلاح القوانين الاقتصادية العراقي خطوة تشريعية رائدة تهدف إلى تنشيط اقتصاد الدولة، ومن المقرر تفعيله في العام القادم. يتضمن هذا القانون تعديلات جوهرية على المنظومة التشريعية الحالية المتعلقة بالشركات والتجارة والاستثمار. ويكمن الهدف الرئيسي في تذليل العقبات التي تعترض مسار التنمية الاقتصادية وتهيئة مناخ استثماري أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين والدوليين.
الأحكام الرئيسية للقانونالهيكل المؤسسي والاستثمار الأجنبي
يتصدر الإصلاحات التشريعية تعديل قانون الشركات (رقم 21 لسنة 1997)، والذي يضع الأطر التنظيمية للشركات القابضة، ويتيح لها السيطرة على شركاتها التابعة عبر الملكية الرأسمالية المهيمنة أو إدارة العمليات، مما سيعزز نظام الحوكمة المؤسسية ويرفع الكفاءة التشغيلية.
كما يفتح القانون الجديد آفاقاً واسعة أمام المستثمرين الأجانب، حيث يسمح للأفراد والكيانات الأجنبية بالمشاركة في تأسيس الشركات العراقية كمؤسسين أو مساهمين، بسقف ملكية يصل إلى 75%. ويمثل هذا تحولاً جذرياً عن القيود السابقة، بهدف استقطاب رؤوس الأموال والخبرات الأجنبية. ويمتلك مجلس الوزراء صلاحية منح استثناءات للشركات العالمية المشاركة في المشاريع التنموية من سقف الملكية المحدد، مما يعزز جاذبية البيئة الاستثمارية.
الأنشطة التجارية والتجارة
يوسع القانون الجديد نطاق تعريف الأنشطة التجارية ليشمل مجموعة متنوعة من الخدمات، بما فيها الاستيراد والتصدير، والعمليات الصناعية، والنشر، والبناء، والسياحة، والخدمات المالية. ويهدف هذا التوسع في التعريف إلى تحفيز المبادرات الريادية وتنويع القاعدة الاقتصادية في البلاد.
إضافة إلى ذلك، يتيح القانون الجديد للتجار استخدام أسماء تجارية باللغتين العربية والأجنبية لمنشآتهم، شريطة عدم تضليل الجمهور أو مخالفة النظام العام. ومن المتوقع أن تسهم هذه المرونة في تعزيز حضور الشركات العراقية وانتشارها في الأسواق العالمية.
يشكل قانون إصلاح القوانين الاقتصادية المرتقب نقطة تحول محورية في مسيرة التحديث والتنمية الاقتصادية في العراق. فمن خلال إزالة معوقات الاستثمار، وتنويع الأنشطة الاقتصادية، وتحسين بيئة الأعمال، يؤسس القانون الجديد لاقتصاد عراقي أكثر حيوية وازدهاراً.
المناطق الحرة وملكية العقارات
يحدث القانون الجديد تغييرات جوهرية في إدارة المناطق الحرة ونظام الاستثمار فيها. حيث يمنح المستثمرين الأجانب حق تملك العقارات أو استئجارها داخل هذه المناطق، وفقاً للضوابط التي يصدرها وزير المالية. ومن المتوقع أن يسهم هذا التعديل في تعزيز مكانة المناطق الحرة العراقية كمراكز حيوية للتجارة والاستثمار الدولي.
الجمارك والضرائب
يتضمن القانون الجديد تعديلات جوهرية على قانون الجمارك (رقم 23 لسنة 1984)، تستهدف تبسيط الإجراءات وتعزيز الشفافية. ويُلزم المستوردين بتقديم مستندات موثقة تثبت أسعار البضائع ومصدرها، مع منح السلطات الجمركية صلاحية طلب وثائق إضافية عند الاقتضاء. وتهدف هذه التدابير إلى مكافحة التهريب وضمان نزاهة الممارسات التجارية.
كما يمنح القانون مجلس الوزراء مرونة في تعديل معدلات ضريبة الدخل وفقاً لمتطلبات الوضع الاقتصادي والمالي للدولة.
التأثير المتوقع على الأعمال العراقيةتحسين المناخ الاستثماري
يفتح القانون الجديد آفاقاً واسعة للاستثمار الأجنبي المباشر من خلال رفع سقف الملكية الأجنبية وتبسيط الهياكل المؤسسية. ومن المتوقع أن تؤدي إمكانية امتلاك الشركات العالمية لحصص أغلبية في المؤسسات العراقية إلى تدفق رؤوس الأموال ونقل التقنيات المتطورة والخبرات الإدارية، مما يشكل رافداً أساسياً للنمو الاقتصادي.
تنويع الأنشطة الاقتصادية
يسهم توسيع نطاق الأنشطة التجارية في تعزيز التنوع الاقتصادي خارج القطاع النفطي التقليدي. ويستهدف القانون تطوير قطاعات حيوية مثل الصناعة والسياحة والخدمات المالية، سعياً نحو بناء اقتصاد أكثر مرونة وتنوعاً.
تحسين بيئة الأعمال
تشكل الإصلاحات في المجال الجمركي والمرونة في تسمية المنشآت التجارية خطوة مهمة نحو تهيئة بيئة أعمال أكثر جاذبية. ومن المتوقع أن تسهم هذه التغييرات في تقليص العقبات البيروقراطية، وخفض تكاليف ممارسة الأعمال، وتيسير العمليات التجارية داخل العراق.
تعزيز المناطق الحرة
يمثل السماح بالملكية الأجنبية في المناطق الحرة خطوة استراتيجية لترسيخ مكانة العراق كمركز تجاري إقليمي. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تنشيط الحركة الاقتصادية في هذه المناطق، مما يعزز التنمية الاقتصادية ويخلق فرص عمل جديدة.
خاتمة
يشكل قانون إصلاح القوانين الاقتصادية المرتقب نقطة تحول محورية في مسيرة التحديث والتنمية الاقتصادية في العراق. فمن خلال إزالة معوقات الاستثمار، وتنويع الأنشطة الاقتصادية، وتحسين بيئة الأعمال، يؤسس القانون الجديد لاقتصاد عراقي أكثر حيوية وازدهاراً. وعند دخول هذه الإصلاحات حيز التنفيذ، سيتعزز موقع العراق كوجهة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين، مما يمهد الطريق نحو تنمية اقتصادية مستدامة.
يجدر الإشارة إلى أن قانون إصلاح القوانين الاقتصادية لا يزال قيد المراجعة في البرلمان العراقي. وحال إقرار صيغته النهائية والتصويت عليه، سيتم نشره في الجريدة الرسمية. وعليه، فإن المسودة الحالية للقانون (التي استند إليها هذا التحليل) قد تخضع للتعديل.