القانون العراقي الجديد للتحكيم المتوقع إقراره في 2025 – إطار قانوني جديد للتحكيم في العراق
جواد خلفشريك، رئيس قسم التقاضي - العراق
بول تايلورشريك، رئيس قسم التحكيم
زين عنانيمحامي معرفة أول
الترجمة مقدمة من فنسنت بيرسيفال
من المُقرر أن يتم إقرار قانون التحكيم العراقي هذا العام، حيث يُتوقع أن يُحدث تغييراً جوهرياً في الإطار القانوني للتحكيم في العراق. وتجدر الإشارة إلى أن القانون الجديد لا يزال قيد المناقشة والمراجعة من قِبل البرلمان العراقي، إلا أنه من المرجح طرحه بعد إجراء المزيد من المشاورات والدراسة المتأنية في وقت لاحق من عام 2025. يهدف هذا القانون الجديد إلى مواكبة المعايير الدولية وتعزيز آليات حل النزاعات بكفاءة عالية. ومن خلال وضع إطار قانوني شامل للتحكيم، يوفر القانون اليقين والاستقرار القانوني للعراق. هذا الوضوح في التشريع أمر بالغ الأهمية للشركات والمستثمرين الذين يحتاجون إلى فهم البيئة القانونية التي يعملون فيها. وستتناول هذه المقالة السمات الرئيسية وأهمية هذا القانون.
السمات الرئيسيةالأهداف ونطاق التطبيق
يسري القانون الجديد على جميع إجراءات التحكيم التي تُجرى داخل جمهورية العراق. ويشمل ذلك المنازعات الناشئة عن العلاقات القانونية التعاقدية وغير التعاقدية التي تخضع للقوانين النافذة في العراق، ما لم يُنص على خلاف ذلك. كما يسري القانون الجديد على أي تحكيم تجاري دولي يُجرى خارج جمهورية العراق إذا اتفق الأطراف المعنيون على إخضاع التحكيم لأحكام هذا القانون. وفيما يتعلق بالعقود الحكومية، يُطبق القانون الجديد على المنازعات الناشئة عنها، شريطة الحصول على موافقة مجلس الوزراء أو ممثل مُفوض على إجراءات التحكيم في هذه العقود.
تشكيل هيئة التحكيم يُعد تشكيل وآلية عمل هيئة التحكيم من الجوانب الجوهرية في قانون التحكيم، حيث يتوافق القانون الجديد بشكل وثيق مع المعايير والممارسات الدولية. يضع القانون الجديد إطاراً شاملاً لتشكيل هيئة التحكيم واختيار واستبدال المُحكمين، بما يضمن الحياد والكفاءة في إجراءات التحكيم. وينص القانون الجديد على أن هيئة التحكيم يمكن أن تتألف من مُحكم واحد أو أكثر وفقاً لاتفاق الأطراف المتنازعة. وفي حال عدم اتفاق الأطراف على عدد المُحكمين، يُحدد العدد الافتراضي بثلاثة مُحكمين، وهو ما يتماشى مع العديد من قوانين التحكيم الدولية. كما يتيح القانون الجديد للأطراف الاتفاق على إجراءات تعيين المُحكمين، وفي حال غياب مثل هذا الاتفاق، تُطبق الإجراءات الافتراضية المنصوص عليها في القانون.
يهدف هذا القانون الجديد إلى مواكبة المعايير الدولية وتعزيز آليات حل النزاعات بكفاءة عالية. ومن خلال وضع إطار قانوني شامل للتحكيم، يوفر القانون اليقين والاستقرار القانوني للعراق.
إجراءات التحكيمتكون اللغة العربية هي اللغة المعتمدة في إجراءات التحكيم ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.تتسم إجراءات التحكيم بالخصوصية والسرية ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك. ويتضمن القانون الجديد أحكاماً محددة بشأن التدابير المؤقتة لضمان حماية حقوق ومصالح الأطراف أثناء سير إجراءات التحكيم. ويمكن للأطراف طلب هذه التدابير المؤقتة إما من المحكمة المختصة أو من هيئة التحكيم.
حكم التحكيميشتمل حكم التحكيم على تفاصيل الإجراءات مع بيان تفصيلي لتوزيع رسوم ومصاريف التحكيم. ويتماشى القانون الجديد بشكل وثيق مع المبادئ والإجراءات المنصوص عليها في قانون الأونسيترال النموذجي، حيث يؤكد على أهمية صدور الأحكام كتابةً، ويوفر آليات لتصحيح وتفسير الأحكام، ويضع إجراءات واضحة لتنفيذ الأحكام وإبطالها. ويهدف هذا التوافق مع المعايير الدولية إلى تعزيز مصداقية وفعالية نظام التحكيم في العراق.
الطعن في حكم التحكيملا يجوز الطعن في حكم التحكيم أمام المحكمة المختصة إلا من خلال دعوى بطلان يرفعها أحد أطراف التحكيم في الحالات المنصوص عليها في القانون الجديد. وتضمن الأحكام الواردة في القانون الجديد خضوع أحكام التحكيم للرقابة القضائية، مما يكفل ثبات اليقين القانوني والعدالة في إجراءات التحكيم.
تقضي المحكمة المختصة ببطلان حكم التحكيم من تلقاء نفسها في الحالات الآتية:
إذا كان موضوع النزاع غير قابل للتحكيم بمقتضى القانون العراقي.
إذا تعارض حكم التحكيم مع النظام العام في جمهورية العراق.
التنفيذتضطلع المحاكم بدور محوري في تنفيذ أحكام التحكيم بموجب القانون الجديد، حيث تضمن تنفيذ هذه الأحكام وفقاً للمعايير القانونية والنظام العام، مما يوفر رقابة ضرورية على إجراءات التحكيم. ومن خلال اشتراط موافقة المحكمة، وتحديد متطلبات الايداع، والسماح بالاستئناف والوقف المؤقت للتنفيذ، يحقق القانون التوازن بين ضرورة الفصل الفعّال في المنازعات وحماية حقوق الأطراف ونزاهة النظام القانوني.
يكون حكم التحكيم الصادر وفقاً لأحكام هذا القانون مُلزماً للأطراف، بصرف النظر عن الدولة التي صدر فيها، وذلك استناداً إلى مبدأ المعاملة بالمثل. ويتطلب تنفيذ حكم التحكيم المصادقة عليه من المحكمة المختصة في العراق. وتقوم المحكمة المختصة بالمصادقة على حكم التحكيم وتنفيذه خلال ستين (60) يوماً من تاريخ تقديم الطلب، شريطة استيفاء الطلب للشروط المنصوص عليها في القانون الجديد، ما لم تجد المحكمة سبباً للبطلان.
ويجوز الطعن في قرار المحكمة المختصة بتنفيذ حكم التحكيم أو رفض تنفيذه أمام محكمة التمييز خلال ثلاثين (30) يوماً من اليوم التالي لتاريخ التبليغ بالحكم.
إنشاء مراكز التحكيميُجيز القانون الجديد إنشاء مراكز تحكيم في العراق تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، على أن تخضع للضوابط التنظيمية الحكومية.
خاتمة
يُعد قانون التحكيم العراقي الجديد تشريعاً رائداً يؤسس لإطار حديث وفعّال للتحكيم في العراق. فمن خلال مواكبة المعايير الدولية وتعزيز آليات الفصل السريع في المنازعات، يهدف القانون إلى تهيئة بيئة مواتية للاستثمار والتنمية الاقتصادية. كما رُوعي في تصميم القانون الجديد حماية مصالح المستثمرين والشركات، وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي من خلال توفير آلية موثوقة وفعّالة لتسوية المنازعات.
وكما سبق الذكر، لا يزال قانون التحكيم العراقي الجديد قيد المناقشة والمراجعة في البرلمان العراقي. وقد تم الانتهاء من القراءتين الأولى والثانية، ومن المتوقع إقرار القانون من قِبل البرلمان هذا العام. كما يُتوقع إدخال تعديلات على مسودة القانون (التي استندت إليها هذه المقالة) قبل نشره في الجريدة الرسمية.