تعديلات قانون العمل الجديدة: ما يجب أن تعرفه
دانة عبد الجليلشريك
جود بلبيسيمحامي متدرب
كارما إستيتيهمحامي متدرب
الترجمة مقدمة من فنسنت بيرسيفال
في خطوة مهمة نحو تحديث الحماية العمالية في الأردن، صادق مجلس الوزراء على مشروع قانون معدل لقانون العمل لسنة 2024 لتعديل قانون العمل رقم 8 لسنة 1996.وستدخل هذه التعديلات حيز التنفيذ في عام 2025، حيث تمثل نهجاً تطلعياً لمعالجة التحديات المستجدة في سوق العمل من خلال تعزيز حقوق العمال. وتشمل التغييرات الرئيسية أحكاماً تتعلق بعقود العمل المرنة، وإنهاء خدمة الموظفين، وزيادة الحد الأدنى للأجور.
تعديلات الحد الأدنى للأجور وشفافية الأجور
تتضمن التعديلات الجوهرية على قانون العمل متطلبات بشأن الحد الأدنى للأجور وشفافية الأجور. إذ يُلزم القانون المعدل أصحاب العمل بضمان تلبية الأجور للحد الأدنى المقرر من الحكومة، والذي تمت زيادته مؤخراً بمقدار 30 ديناراً أردنياً. كما يتعين على أصحاب العمل وضع إعلان بارز يوضح الحد الأدنى للأجور في مكان العمل، لضمان إدراك الموظفين الكامل لمستحقاتهم وحصولهم على أجر عادل مقابل عملهم.
ويشترط القانون المعدل أن تستند زيادات الرواتب إلى معايير واضحة وموضوعية، كالأداء الوظيفي، وليس إلى عوامل تعسفية. ويهدف هذا الحكم إلى القضاء على التحيز وضمان مكافأة العمال بشكل عادل على إسهاماتهم، مما يعزز نظام أجور قائماً على الجدارة والشفافية.
وعلاوة على ذلك، تعالج التعديلات صراحةً مسألة التمييز في الأجور. فقد تم استبدال التعريف السابق للتمييز في الأجور الوارد في المادة 2(2) من قانون العمل بتعريف جديد يتناول تحديداً التفاوت في الأجر عن العمل المماثل على أساس الجنس. ويهدف هذا التغيير إلى سد فجوة الأجور بين الجنسين وضمان حصول الموظفين على تعويض متساوٍ نظير أداء العمل ذاته.
يمثل القانون المعدل لقانون العمل لسنة 2024 خطوة مهمة نحو تعزيز حماية حقوق العمال وتحديث قانون العمل الأردني.
إنهاء الخدمة
جرى إلغاء المادة 31 من قانون العمل، التي كانت تنظم سابقاً إجراءات إنهاء الخدمة، واستُبدلت بحكم أكثر شمولاً مصمم لحماية الموظفين من الفصل التعسفي، لا سيما في الحالات التي يواجه فيها أصحاب العمل قيوداً اقتصادية، حيث يتعين على أصحاب العمل تقديم إشعار خطي يبين أسباب الفصل. ويكفل هذا المتطلب الشفافية في عملية إنهاء الخدمة، من خلال تقديم سبب مشروع وموثق لإنهاء العقد، والاحتفاظ بسجلات دقيقة وتوثيق المبررات ذات الصلة. وقد يؤدي الإخلال بذلك إلى تعريض أصحاب العمل لتحديات قانونية والتزامات مالية.
وإضافة إلى الضمانات الإجرائية المتعلقة بإنهاء الخدمة، يوضح التعديل آلية احتساب مكافأة نهاية الخدمة. إذ يتم احتسابها وفقاً لآخر راتب تقاضاه الموظف، وليس على أساس متوسط الدخل طوال فترة عمله. ويضمن هذا التغيير حصول الموظفين المفصولين تعسفياً على تعويض يعكس دخلهم الحالي، وليس متوسطاً قد يكون أقل قيمة.
وقد عُدلت الفقرة 5 من المادة 28 للسماح بإنهاء الخدمة دون إشعار للموظفين المتغيبين لمدة 10 أيام متصلة أو متقطعة. كما أدرجت الفقرة 9 من هذا الحكم الاعتداء أو التحرش الجنسي كأسباب للفصل دون إشعار.
وبالنسبة لأصحاب العمل، تؤكد هذه التغييرات ضرورة توافر أسباب موثقة ومبررة لإنهاء الخدمة وضمان الامتثال للإجراءات المستحدثة. أما بالنسبة للموظفين، فتوفر هذه التعديلات حماية معززة ضد الفصل التعسفي وتضمن تعويضاً أكثر إنصافاً عند إنهاء الخدمة.
أنظمة العمل المرن
يشكل إصدار نظام العمل المرن رقم 44 لسنة 2024 تحولاً جوهرياً في ترتيبات العمل في الأردن. ويتيح هذا النظام، الذي دخل حيز التنفيذ في 31 أغسطس 2024، مزيداً من المرونة في القوى العاملة، مما يمكّن أصحاب العمل والموظفين من تكييف جداول العمل لتلبية الاحتياجات الفردية. ويقدم النظام أشكالاً متنوعة من عقود العمل المرنة، تشمل العمل عن بُعد، العمل لبعض الوقت، العمل ضمن ساعات مرنة، أسبوع العمل المكثف، والسنة المرنة.
ويلزم النظام أصحاب العمل بتوفير الأدوات والموارد اللازمة لدعم ترتيبات العمل المرنة، مما يضمن تمتع الموظفين العاملين بموجب العقود المرنة بالحقوق والمزايا ذاتها التي يتمتع بها الموظفون بدوام كامل. ويشمل ذلك استمرار الاستفادة من مزايا الضمان الاجتماعي. كما يشترط النظام توثيق ترتيبات العمل المرنة من خلال اتفاقيات مكتوبة، توضح الشروط والأحكام المحددة التي ستطبق بموجبها هذه الترتيبات.
ولكل من أصحاب العمل والموظفين، يسهم تطبيق ترتيبات العمل المرنة في تحقيق توازن أفضل بين مسؤوليات العمل والحياة الشخصية وتوفير فرص توظيف أكثر شمولية. ويُدعى أصحاب العمل إلى مواءمة سياساتهم الداخلية مع هذه الأحكام لتعزيز المساواة وبيئات العمل الشاملة.
العمل الإضافي المدفوع
إلى جانب ترتيبات العمل المرنة، ينظم القانون المعدل إدارة العمل الإضافي المدفوع من خلال تعليمات العمل الإضافي رقم 23 لسنة 2024. وتضع هذه التعليمات، التي دخلت حيز التنفيذ في 1 يناير 2025، حدوداً واضحة للعمل الإضافي، حيث تقصر مدة العمل الإضافي المدفوع على ثلاثة أشهر في السنة، بحد أقصى ثلاث ساعات يومياً أو عشر ساعات أسبوعياً. وفي حال تجاوز هذه الحدود، يُمنح الموظف بدل إجازة إدارية.
كما تحدد التعليمات معدلات تعويض أوضح للعمل الإضافي، استناداً إلى فئات الوظائف وشرائح الرواتب، مما يضمن الشفافية والاتساق في أجور العمل الإضافي. وفضلاً عن ذلك، يتعين على الموظفين تقديم تقارير مفصلة عن مهامهم وإنجازاتهم خلال ساعات العمل الإضافي.
تعديلات قانون مؤسسة الضمان الاجتماعي
وبالتوازي مع التعديلات على قانون العمل، يقدم مشروع القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي لسنة 2024 إصلاحات تهدف إلى توسيع نطاق الحماية الاجتماعية للموظفين غير الأردنيين. إذ سيحق لغير الأردنيين المقيمين في الأردن، ممن لديهم ما لا يقل عن 120 اشتراكاً في الشمول الإلزامي، الحصول على تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، إضافة إلى تأمين التعطل عن العمل. ويمثل هذا توسعاً ملموساً في حماية الضمان الاجتماعي، مما يضمن حصول العمال غير الأردنيين على المزايا ذاتها التي يتمتع بها نظراؤهم الأردنيون.
وعلاوة على ذلك، جرى إدراج متطلب صريح يلزم أصحاب العمل بسداد اشتراكات الضمان الاجتماعي للموظفات خلال إجازة الوضع، مما يضمن استمرار استحقاقات الضمان الاجتماعي الخاصة بهن أثناء فترة غيابهن.
خاتمة
يمثل القانون المعدل لقانون العمل لسنة 2024 خطوة مهمة نحو تعزيز حماية حقوق العمال والاعتراف بديناميكيات العمل المتغيرة، بما في ذلك ترتيبات العمل المرنة والعمل الإضافي. وتعزز هذه التغييرات الحماية القانونية للعمال مع دعم سوق عمل أكثر إنصافاً وشمولية.
وبالنسبة لأصحاب العمل، تستلزم هذه التغييرات مراجعة سياسات الموارد البشرية وممارسات مكان العمل لضمان الامتثال. أما بالنسبة للعمال، فيشكل القانون المعدل خطوة جوهرية نحو تحقيق مزيد من العدالة والشمول والشفافية بما يلبي تطلعات سوق العمل المستقبلي.