توقعات تأثير نظام المعاملات المدنية في المملكة العربية السعودية لعام 2025
عماد سلامةشريك، رئيس المكتب - الرياض
أحمد أمونيتمستشار أول
الترجمة مقدمة من فنسنت بيرسيفال
يشهد المشهد القانوني في المملكة العربية السعودية، مع حلول عام 2025، تحولاً جوهرياً بموجب نظام المعاملات المدنية. ويُمثل هذا التشريع الشامل، الذي دخل حيز التنفيذ نهاية عام 2023، نقلة نوعية في منهجية المملكة تجاه النزاعات التعاقدية والسلطة التقديرية القضائية. ويسعى النظام إلى إرساء إطار نظامي يتسم بقابلية أكبر للتنبؤ والاتساق، مع تحقيق التوازن بين متطلبات التشريع المقنن والمرونة في التعامل مع الحالات الاستثنائية. يستعرض هذا المقال التوقعات المستقبلية لعام 2025 في ضوء النظام وتداعياته على المعاملات القانونية المستقبلية في المملكة.
إطار قانوني أكثر قابلية للتنبؤ
يتمثل الهدف الرئيسي للنظام في الحد من حالة عدم اليقين التي طالما ميزت الأحكام القضائية في المملكة.
فقبل صدور النظام، كانت تسوية النزاعات التعاقدية تستند إلى مبادئ شرعية غير مقننة، مما أتاح مساحة واسعة للسلطة التقديرية القضائية. وقد أدى ذلك في كثير من الأحيان إلى تباين الأحكام وتناقضها، لا سيما في القضايا التي لم يتوفر لها تشريع مكتوب. يعالج النظام هذه الإشكالية من خلال تقييد ممارسة القضاء لسلطته التقديرية في حال وجود نص تشريعي واجب التطبيق.
السلطة القضائية التقديرية المحدودة
رغم سعي النظام إلى تقليص نطاق السلطة التقديرية القضائية، إلا أنه يقر بضرورتها في حالات محددة. وقد تضمن النظام مواداً صريحة تحدد الحالات التي يجوز فيها للقضاء ممارسة سلطاته التقديرية، ومنها:
من المتوقع أن يواصل النظام خلال عام 2025 ترسيخ دوره في إرساء إطار نظامي يتسم بقدر أكبر من القابلية للتنبؤ والاتساق في مجال المنازعات التعاقدية.
الشروط التعاقدية المضللة أو الاستغلالية: تخول المادة 68 المحكمة صلاحية تخفيف التزامات الطرف المتعاقد المغبون أو إبطال العقد في حال استغلال الطرف الآخر لضعف ظاهر أو حاجة ملحة.
إبطال العقود: تمنح المادة 81 المحكمة سلطة إبطال العقد من تلقاء نفسها متى تبين بطلانه.
عقود الإذعان: تتيح المادة 96 للمحكمة تعديل الشروط التعسفية في عقود الإذعان أو إعفاء الطرف المذعن منها، وفقاً لمقتضيات العدالة.
الالتزامات المرهقة: تجيز المادة 97 للمحكمة رد الالتزامات التعاقدية المرهقة للمدين إلى حد معقول في حال نشوء ظروف استثنائية لم يكن في التوسع توقعها وقت التعاقد.
تعزيز الوضوح التعاقدي
يتضمن النظام تنظيماً تفصيلياً لمختلف جوانب العقود، بما يشمل صحتها، وآثارها بين أطرافها، وبطلانها، وإنهائها، والتعويض عن الأضرار. ويهدف هذا النهج الشامل إلى تقليص النزاعات التعاقدية وتقصير أمد الفصل فيها. فعلى سبيل المثال، تنص المادة الأولى من النظام صراحةً على انطباق نصوصه على جميع المسائل التي تناولها في لفظها أو في فحواها. وعند غياب النص الخاص، تُطبق القواعد العامة للتفسير وعددها 41 قاعدة، مما يقلص نطاق السلطة التقديرية القضائية.
الانعكاسات على المعاملات القانونية مستقبلاً
منذ إصدار النظام، برز تأثيره الواضح على المعاملات القانونية وتسوية النزاعات في المملكة. وتتجلى آثاره في المجالات التالية:
تعزيز القابلية للتنبؤ: أدى تقييد السلطة التقديرية القضائية ووضع ضوابط واضحة لتفسير العقود إلى تعزيز إمكانية التنبؤ بالأحكام القضائية، مما عزز ثقة قطاع الأعمال والمستثمرين في النظام القانوني السعودي.
تقليص النزاعات: ساهمت الأحكام التفصيلية للنظام في الحد من النزاعات التعاقدية عبر إرساء قواعد واضحة لتكوين العقود وتنفيذها وإنهائها، مما يؤدي إلى تسوية أكثر كفاءة للنزاعات عند نشوئها.
ترسيخ العدالة والإنصاف: يكفل النظام قدرة المحاكم على معالجة الحالات الاستثنائية وتحقيق نتائج عادلة من خلال السماح بسلطة تقديرية قضائية محدودة في حالات معينة، مما يحقق التوازن بين التقنين والمرونة القضائية ويعزز العدالة في المعاملات القانونية.
تعزيز اليقين القانوني: أسهم التنظيم الشامل لأحكام العقود في تعزيز اليقين القانوني لدى الأطراف المتعاقدة، مما يحفز النشاط التجاري والنمو الاقتصادي في المملكة.
خاتمة
من المتوقع أن يواصل النظام خلال عام 2025 ترسيخ دوره في إرساء إطار نظامي يتسم بقدر أكبر من القابلية للتنبؤ والاتساق في مجال المنازعات التعاقدية. وبفضل تحقيق التوازن بين التشريع المقنن والمرونة في معالجة الحالات الاستثنائية، سيستمر في تعزيز كفاءة المعاملات النظامية وعدالتها واستقرارها في المملكة. وقد أسهم هذا التشريع المحوري في إحداث تحول جوهري في النظام القانوني السعودي، مما عزز ثقة قطاع الأعمال والمستثمرين، ويُرتقب أن يضطلع بدور رئيس في دفع عجلة النمو الاقتصادي والتنمية خلال السنوات المقبلة.