مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الكويت
آرون ديكوسشريك
الترجمة مقدمة من فنسنت بيرسيفال
في عام 2014، أطلقت الحكومة الكويتية برنامجاً طموحاً لتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتطوير البنية التحتية في الكويت والخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين. ولتحسين وتطوير مبادراتها السابقة في هذا المجال، قامت الكويت بإعادة هيكلة برنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص وأصدرت القانون رقم 116 لسنة 2014 ("قانون الشراكة") بهدف توفير إطار تنظيمي أكثر وضوحاً وتطوراً لتنفيذ مشاريع الشراكة في الكويت. حل قانون الشراكة محل القانون السابق وكان ضرورياً لاستيعاب برنامج الشراكة الطموح المستمر ولتقنين الأساليب المطبقة في مشروع الزور الشمالي المستقل للمياه والطاقة (المرحلة الأولى)، الذي اكتمل إغلاقه المالي في يناير 2014.
ونتيجة لذلك، تم طرح العديد من مشاريع الشراكة في مختلف قطاعات البنية التحتية، وتمت ترسية بعضها. إلا أن مشروعاً رئيسياً واحداً فقط للبنية التحتية وصل إلى مرحلة الإغلاق المالي بجانب مشروع الزور الشمالي المرحلة الأولى، وهو مشروع محطة أم الهيمان لمعالجة مياه الصرف الصحي. وفي عام 2019 تقريباً، دخل برنامج الشراكة الكويتي في مرحلة ركود استمرت لعدة سنوات لأسباب متعددة. غير أنه في ضوء التطورات الأخيرة (وخاصة فيما يتعلق بإنتاج الطاقة واحتياجاتها في الكويت)، تم إحياء مبادرة الشراكة الحكومية من جديد، ويجري حالياً طرح العديد من المشاريع أو يُخطط لطرحها في عام 2025 (بما في ذلك مشاريع في قطاعات الطاقة التقليدية والمتجددة، والنقل، والمياه، والاتصالات، والقطاع العقاري، وقطاع معالجة النفايات). وعليه، حان الوقت لإعادة النظر في آلية عمل مشاريع الشراكة بموجب قانون الشراكة.
تتولى الهيئة العامة لمشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص ("الهيئة") مسؤولية إطلاق مشاريع الشراكة والإشراف عليها في الكويت. وفي حين أن الهيئة تُعد المحرك الرئيسي لعملية تنفيذ المشروع، فإن مجلس إدارتها ("اللجنة العليا") يتمتع بصلاحيات واسعة في تنفيذ عملية الشراكة، تشمل: تقديم الموافقة النهائية للجهات العامة للدخول في عقود الشراكة، والموافقة على مفاهيم وعطاءات المشاريع قبل الإعلان عنها وطرحها، وتطوير السياسات العامة للمشاريع والعطاءات ذات الأهمية الاستراتيجية للاقتصاد الوطني، واختيار الجهات العامة المعنية بالمشاركة في عملية المناقصة، واختيار والإشراف على الجهات العامة المشاركة في تنفيذ المشروع وتشغيله، وتطوير السياسات والوثائق العامة للمشاريع والمبادرات، بما فيها العطاءات غير المستدرجة ذات الأهمية الاستراتيجية للاقتصاد الوطني الكويتي.
موجب قانون الشراكة، يتم تنفيذ كل مشروع من خلال شركة المشروع التي يجب تأسيسها في شكل شركة مساهمة كويتية عامة وفقاً لأحكام قانون الشركات التجارية الكويتي. وقبل صدور قانون الشراكة، لم يكن واضحاً ما إذا كان المكتب الفني للشراكات (سلف الهيئة) أو المستثمر هو المسؤول عن تأسيس شركة المشروع وهيكل المساهمة. أما الآن، فإن قانون الشراكة يكلف الهيئة صراحةً بإجراءات التأسيس. وتكون ملكية كل شركة مشروع موزعة جزئياً بين الهيئة و/أو أي جهات عامة تختارها اللجنة العليا، بالإضافة إلى شركة أو أكثر من شركات التحالف التي يتم تأسيسها في الكويت ويمتلكها المقاولون والمستثمرون والرعاة المختارون لتنفيذ المشروع.
ونظراً لطبيعة التمويل محدود حق الرجوع، كان من الضروري للمقرضين ضمان تسجيل وإتمام جميع الضمانات المتاحة لهم بشكل سليم. وقد خفف قانون الشراكة من هذه القيود والمحظورات ووضح ما يمكن تقديمه كضمان.
في بداية كل مشروع شراكة، تدخل الهيئة وشركات التحالف والجهات العامة المعنية المشاركة في المشروع في مجموعة متنوعة من الاتفاقيات، بما فيها اتفاقية المساهمين المتعلقة بملكية شركة المشروع وحوكمتها وعملياتها، والتي بموجبها تمنح السيطرة الإدارية على شركة المشروع لشركة التحالف المعنية. كما تحدد هذه الاتفاقيات بوضوح متى وكيف يتم نقل الأسهم في شركة المشروع المملوكة للهيئة إلى الجهات العامة والمواطنين الكويتيين المدعوين للاستثمار في المشروع. وعليه، تُعد مشاركة الهيئة عنصراً أساسياً في التنفيذ الناجح لمشاريع الشراكة في الكويت.
ولعل أهم ما في الأمر أن قانون الشراكة يضمن للمواطنين الكويتيين فرصة الاستفادة المباشرة من مشاريع الشراكة من خلال السماح لهم بالمشاركة في الملكية المساهمة لشركة المشروع المعنية. ولتحقيق هذه الغاية، يتضمن قانون الشراكة أحكاماً تتعلق بالطرح العام لأسهم شركات المشاريع للمواطنين الكويتيين بمجرد وصول المشروع المعني إلى مرحلة التشغيل التجاري. وخلال المراحل التطويرية لكل مشروع، تمتلك الهيئة الأسهم المخصصة للطرح العام وتمارس جميع الحقوق والالتزامات المرتبطة بتلك الأسهم وفقاً لقانون الشركات التجارية وما تم الاتفاق عليه في اتفاقية المساهمين المعنية. وبمجرد وصول المشروع إلى مرحلة التشغيل التجاري، تقوم الهيئة بطرح الأسهم المحتفظ بها للمواطنين الكويتيين. ويمكن عندئذٍ طرح أي أسهم لم يكتتب فيها المواطنون الكويتيون على الجهات العامة و/أو شركات التحالف. ووفقاً لاتفاقية المساهمين المعنية، يتم ضمان السيطرة الإدارية لشركات التحالف على شركة المشروع من خلال منحها الحق في ترشيح أغلبية أعضاء مجلس إدارة شركة المشروع. وتلتزم الهيئة وأي جهات عامة مشاركة في المشروع تعاقدياً بموجب اتفاقية المساهمين بالتصويت في اجتماعات الجمعية العمومية بالطريقة اللازمة لتفعيل هذه الانتخابات.
قبل صدور قانون الشراكة، كان القانون الكويتي يُنظر إليه من قبل الكثيرين على أنه مقيد للغاية وغير واضح لأنه حظر رهن الأراضي والمباني وحتى المعدات الموجودة على الأرض، مما أدى عملياً إلى منع المقرضين من الحصول على ضمانات فعالة على الأصول المادية للمشروع، الأمر الذي قلّل من استعدادهم لتقديم التمويل اللازم لتنفيذ المشروع. ونظراً لطبيعة التمويل محدود حق الرجوع، كان من الضروري للمقرضين ضمان تسجيل وإتمام جميع الضمانات المتاحة لهم بشكل سليم. وقد خفف قانون الشراكة من هذه القيود والمحظورات ووضح ما يمكن تقديمه كضمان. كما قنن قانون الشراكة مختلف مفاهيم التمويل مثل تخصيص العوائد، ورهن الأسهم في كل من شركة المشروع وشركة التحالف (حتى خلال فترات الحظر المطبقة) والرهون على الأصول المكونة للمشروع (باستثناء الأراضي). كما يوفر مزيداً من الوضوح حول الإجراءات الواجب اتخاذها في حالة الحاجة إلى نقل المشروع إلى تحالف جديد.
على الرغم من أن قانون الشراكة لا يخلو من أوجه القصور، فإنه يوفر، مقارنة بالقوانين واللوائح السابقة، مستوي أعلى من اليقين والموثوقية والمرونة للمقاولين والمستثمرين والمقرضين الأجانب الراغبين في المشاركة في مشاريع الشراكة في دولة الكويت. ويساهم القانون مساهمة جوهرية في تعزيز قابلية تمويل مشاريع الشراكة في الكويت، مما يدعم تحقيق خطط الكويت الطموحة للتنمية.