مستقبل الضرائب في قطر - التطورات الجديدة في القضايا الضريبية
هاني الندافشريك، رئيس قسم تسوية المنازعات - قطر
ميساء سليمانمستشار
الترجمة مقدمة من فنسنت بيرسيفال
في السنوات الأخيرة، أثار فرض ضريبة دخل نسبتها 35% على الشركات العاملة في قطاع النفط والغاز في دولة قطر جدلاً قانونياً واسع النطاق. وتُعد هذه النسبة الضريبية أعلى بشكل ملحوظ من المعدل العام للضريبة على الشركات المحدد بـ 10%، مما أدى إلى طرح تساؤلات جوهرية حول نطاق تطبيقها. وقد تبنت الهيئة العامة للضرائب تفسيراً موسعاً للقانون، بحيث يشمل ليس فقط الشركات المنخرطة مباشرةً في الأنشطة البترولية، بل أيضاً مزودي الخدمات في مجالات الصيانة والهندسة وتقنية المعلومات والخدمات المساندة الأخرى لشركات النفط والغاز. وقد واجه هذا النهج التوسعي معارضة شديدة نظراً لاحتمالية تأثيره السلبي على الاستثمار والابتكار في الصناعات الداعمة. إلا أن حكماً حديثاً صادراً عن محكمة التمييز القطرية قد قدم إيضاحات جوهرية من شأنها أن تعود بالنفع على مقدمي الخدمات المساندة في قطاع النفط والغاز القطري.
ضريبة الدخل لشركات النفط والغاز في قطر
يُحدد الإطار التشريعي لنظام ضريبة الدخل في دولة قطر بموجب القانون رقم 24 لسنة 2018 بشأن الضريبة على الدخل. وتنص المادة 9 من هذا القانون على معدل ضريبة عام للشركات قدره 10%، مع تطبيق استثناء خاص على قطاع النفط والغاز بفرض معدل لا يقل عن 35%. ويسري هذا المعدل الضريبي المرتفع على الاتفاقيات والأنشطة المرتبطة بالصناعات البتروكيماوية والعمليات البترولية، وفقاً للتعريف الوارد في القانون رقم 3 لسنة 2007 بشأن استغلال الثروات الطبيعية.
وبموجب المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 2007، تم تعريف العمليات البترولية بشكل عام لتتضمن: الاستكشاف والتنقيب عن البترول وتطوير الحقول وحفر الآبار وإكمالها وإصلاحها وإنتاج البترول ومعالجته من الشوائب وتخزينه ونقله وتحميله وشحنه بالإضافة إلى إنشاء وتشغيل المرافق المساندة مثل: مرافق الطاقة والمياه والإسكان والبنية التحتية الأساسية الأخرى، إضافة إلى الأنشطة الإدارية أو المكملة أو المؤدية لتحقيق الأغراض المذكورة. وعلى الرغم من شمولية هذا التعريف، إلا أنه أصبح مصدراً للعديد من التحديات التفسيرية.
اتجاهات جديدة في الأحكام الضريبية: تحديد نطاق العمليات البترولية
أصدرت محكمة التمييز القطرية مؤخراً قراراً مفصلياً يوضح تطبيق القانون الضريبي على القطاع النفطي. وتمكن فريق التميمي ومشاركوه القانوني في قطر من تحقيق نجاح قضائي بارز من خلال الحصول على حكم يحدد بدقة مفهوم العمليات البترولية وتصنيفها الضريبي. وتتلخص وقائع القضية في نزاع بين شركة متخصصة في صيانة آبار النفط والهيئة العامة للضرائب، حيث سعت الأخيرة إلى فرض ضريبة دخل بنسبة 35% على الشركة، بدعوى أن أنشطتها تقع ضمن نطاق العمليات البترولية. ويؤسس قرار المحكمة، من خلال تضييق نطاق مفهوم "العمليات البترولية"، لتوجه جديد نحو تفسير أكثر دقة وموضوعية للقوانين الضريبية، مما يكفل الانسجام مع المقاصد التشريعية ويحد من التفسيرات التعسفية أو المتوسعة من قبل الهيئة العامة للضرائب.
بالنظر إلى عام 2025، من المتوقع أن يُحدث هذا الحكم تأثيراً جوهرياً على قطاع النفط والغاز في دولة قطر. فمن خلال تضييق نطاق العمليات البترولية وترشيد تطبيق معدل الضريبة البالغ 35%، سيوفر الحكم مزيداً من اليقين والاستقرار القانوني للشركات المقدمة للخدمات المساندة للصناعة.
دروس للمكلفين والمتقاضين
يُرسي هذا الحكم التاريخي سابقة قضائية مهمة للنزاعات الضريبية المستقبلية في قطاع النفط والغاز القطري. فبالنسبة للشركات العاملة في الصناعات المساندة، يوفر هذا الحكم إطاراً قانونياً واضحاً للطعن في الالتزامات الضريبية غير المبررة. كما يؤكد على مبدأ أن الخدمات المساندة، مهما بلغت أهميتها للصناعة البترولية، لا ينبغي أن تخضع تلقائياً للمعدل الضريبي الأعلى ما لم تستوفِ التعريف القانوني المحدد للعمليات البترولية.
وعلاوة على ذلك، يسهم الحكم في حماية المناخ الاستثماري في دولة قطر من خلال ضمان عدم إثقال كاهل الشركات المقدمة للخدمات القيّمة لقطاع النفط والغاز بمعدلات ضريبية مرتفعة دون مبرر. كما يؤكد على أهمية الرقابة القضائية في تحقيق التوازن بين صلاحيات السلطة الضريبية وحقوق المكلفين.
مستقبل الضرائب في قطر
بالنظر إلى عام 2025، من المتوقع أن يُحدث هذا الحكم تأثيراً جوهرياً على قطاع النفط والغاز في دولة قطر. فمن خلال تضييق نطاق العمليات البترولية وترشيد تطبيق معدل الضريبة البالغ 35%، سيوفر الحكم مزيداً من اليقين والاستقرار القانوني للشركات المقدمة للخدمات المساندة للصناعة. كما ستستفيد الشركات المنخرطة مباشرةً في العمليات البترولية من هذا الحكم، إذ سيمكنها من الاستناد إلى تعريف قانوني محدد لأنشطتها، وتجنب النزاعات المحتملة مع الهيئة العامة للضرائب بشأن التزاماتها الضريبية. وسيؤدي ذلك إلى ترسيخ نظام ضريبي أكثر شفافية وعدالة، حيث يتناسب المعدل الضريبي مع طبيعة وقيمة الأنشطة المنفذة.
خاتمة
يمثل القرار الأخير الصادر عن محكمة التمييز القطرية تحولاً محورياً في تفسير قوانين ضريبة الدخل القطرية المتعلقة بقطاع النفط والغاز. فمن خلال إيضاح نطاق العمليات البترولية ومواءمة الأحكام الضريبية مع المقاصد التشريعية، لم يقتصر أثر الحكم على حل قضية قانونية محل جدل فحسب، بل امتد ليضع سابقة قضائية للقضايا المستقبلية. وسيكون لهذا التطور القضائي البارز تأثير على النزاعات الضريبية المستقبلية وتفسير القانون في هذا المجال، مما يضمن بيئة ضريبية أكثر عدالة وقابلية للتنبؤ لجميع الأطراف المعنية.