هيئة تنظيم الخدمات المالية في سوق أبوظبي العالمي تسعى للتوافق مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات العالمية
مارك براونشريك، رئيس المشاريع
أشيش بانجامستشار أول
كاماريااليعجوبيمحامي المعرفة
محمد أبو حليقةمحامي متدرب
الترجمة مقدمة من فنسنت بيرسيفال
أصدرت هيئة مراقبة الخدمات المالية ("الهيئة") في سوق أبو ظبي العالمي ورقة استشارية بتاريخ 29 أكتوبر 2024. تهدف هذه الورقة إلى تطوير الإطار التنظيمي للهيئة بما يتوافق مع المعايير الدولية، وتحديداً: المبادئ الأساسية للرقابة المصرفية الفعالة الصادرة عن لجنة بازل للرقابة المصرفية ("وثيقة BCBS")، أهداف ومبادئ تنظيم الأوراق المالية الصادرة عن المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية ("وثيقة IOSCO")، مبادئ التأمين الأساسية الصادرة عن الرابطة الدولية لمشرفي التأمين ("وثيقة IAIS")
تعكس هذه المبادرة التزام الهيئة بتعزيز إطار تنظيمي قوي يواكب أحدث التطورات العالمية في القطاع المالي والمخاطر الناشئة. وتهدف الهيئة، من خلال تبني المعايير الدولية، إلى تلبية متطلبات سوق الخدمات المالية مع ضمان أعلى المعايير للبنوك، وشركات التأمين، ومقدمي الائتمان، ومديري حسابات الاستثمار المشاركة في الأرباح في سوق أبوظبي العالمي.
وقد حددت الورقة الاستشارية المجالات الرئيسية التالية ("المقترحات"):
الحوكمة المؤسسية؛
تحديد وتعيين البنوك المحلية ذات الأهمية النظامية (D-SIBs)؛
تعزيز الإرشادات الحالية بشأن مخاطر الدول، ومخاطر التحويل، والمتطلبات التنظيمية لاختبارات التحمل؛
استحداث معايير إضافية للأطراف "المرتبطة" و"الوثيقة الصلة"؛
تحديد معايير لتصنيف تعرضات البنوك؛ و
وضع قواعد لمتطلبات الإخطار المسبق للاستحواذات أو الاستثمارات الكبرى.
الحوكمة المؤسسية
اقترحت الهيئة تحسينات على الحوكمة تتماشى مع المعايير الدولية، وذلك لتطوير هياكل مستدامة وفعالة في إدارة المخاطر الناشئة. تشمل المقترحات الرئيسية ما يلي:
إلزام البنوك وشركات التأمين بتعيين نسبة محددة من الأعضاء غير التنفيذيين والمستقلين في هيئاتها الحاكمة، مع تعديل هذه النسب وفقاً لحجم المؤسسة ومخاطرها وتعقيد عملياتها.
منح الهيئة صلاحية فرض إنشاء لجان متخصصة تضم أعضاء غير تنفيذيين ومستقلين، وتشمل لجان التدقيق، والترشيح، والمخاطر، والمكافآت.
تعزيز الإرشادات المتعلقة بأفضل ممارسات الحوكمة، بما يشمل معايير الاستقلال، وتوازن الأعضاء في الهيئات الحاكمة، ومراجعات الحوكمة، وشروط اللجان.
تخويل الهيئة صلاحية إلزام فروع البنوك وشركات التأمين في سوق أبو ظبي العالمي بتشكيل لجان حوكمة عند الحاجة.
التوصية بتعيين مدير كبير، مستقل عن الرئيس التنفيذي، لتقديم المشورة بشأن مخاطر الحوكمة.
تعيين البنوك المحلية ذات الأهمية النظامية (D-SIBs)
نظرًا للمخاطر الكبيرة التي قد تنشأ عن البنوك المحلية ذات الأهمية النظامية (D-SIBs) وتأثيرها المحتمل على النظام المالي في سوق أبوظبي العالمي والإمارات، اقترحت الهيئة تعديل متطلباتها التحوطية المتعلقة بأعمال الاستثمار ووساطة التأمين والأعمال المصرفية وذلك لتحقيق الأهداف التالية:
تمكين الهيئة من تصنيف الأشخاص المرخص لهم كبنوك محلية ذات أهمية نظامية، وذلك للمؤسسات التي تمارس أنشطة منظمة مثل قبول الودائع وإدارة الحسابات الاستثمارية غير المحدودة المشاركة في الأرباح. ويتم هذا التصنيف وفقاً لمعايير محددة تشمل الحجم، التشابك، البدائل، التعقيد، والأنشطة العابرة للحدود.
وضع إجراءات تعيينالبنوك المحلية ذات الأهمية النظامية، والتي تتضمن الإخطار، والتشاور، والمراجعة، والطعن.
منح الهيئة صلاحية فرض متطلبات احترازية أعلى على البنوك المحلية ذات الأهمية النظامية، تشمل الاحتفاظ بمصدات رأس مال إضافية، وزيادة نسب الرفع المالي الأدنى، وتقليص حدود التعرضات الكبيرة، خاصةً للتعرضات لبنوك مماثلة (من نفس الفئة) أو شركاتها التابعة.
إدارة مخاطر الدول ومخاطر التحويل
خلصت التقييمات الذاتية والقياسات المقارنة الدولية التي أجرتها الهيئة إلى ضرورة وضع سياسات وإجراءات فعالة للتعامل مع مخاطر الدول ومخاطر التحويل في مجالات الإقراض والاستثمار الدولي. وتركز هذه التوصيات على تحديد هذه المخاطر وقياسها ومراقبتها والتخفيف من حدتها، مع التأكيد على أهمية الإبلاغ عنها.
تقترح الهيئة تعزيز المتطلبات في المجالات التالية:
العناصر الأساسية في سياسة الشخص المرخص له، والتي تشمل نطاق السياسة، الأهداف المحددة، تحديد الأدوار، المنهجيات المتبعة، وضع الحدود، إعداد التقارير، إجراء اختبارات التحمل، والإفصاحات المطلوبة.
معايير تحديد الحدود والقيود الخاصة بالدول أو المناطق، مع الأخذ في الاعتبار المؤشرات الاقتصادية، والبيئة السياسية، الإطار القانوني، التصنيف السيادي، التعرضات عبر الحدود، وتنويع المحفظة.
توضيح مسؤوليات الهيئة الحاكمة والإدارة العليا، بما في ذلك اعتماد السياسات، تحديد مستوى تقبل المخاطر، متابعة التعرضات، ومراجعة السياسات بشكل دوري.
تهدف التحسينات المقترحة إلى ترسيخ إطار تنظيمي متين ومواكب للتطورات وقادر على إدارة المخاطر الناشئة، بما يعزز نمو واستقرار سوق الخدمات المالية في سوق أبوظبي العالمي.
اختبارات التحمل
تماشياً مع توجيهات لجنة بازل وأطر اختبار التحمل، تهدف الهيئة إلى تعزيز تكامل نتائج اختبارات التحمل في منظومة صنع القرار وإدارة المخاطر المصرفية. وفي هذا السياق، طرحت الهيئة مقترحاً لتطوير إرشاداتها الراهنة للنص صراحةً على أن أطر اختبارات التحمل للأشخاص المرخص لهم يجب أن:
تتناسب مع ملف المخاطر والأهمية النظامية للشخص المرخص له؛
تخضع لحوكمة المناسبة؛
تندمج بشكل ملائم مع عمليات صنع القرار وإدارة المخاطر؛
تشمل جميع المخاطر المادية؛
توفر قدرات كافية للبيانات وتقنية المعلومات؛
تخضع للتوثيق المناسب، مع المحافظة عليها وتحديثها؛ و
تعالج مسألة إيصال النتائج داخل المؤسسة وإلى السلطات المختصة، سواء داخل النطاق القضائي أو عبر النطاقات القضائية المختلفة، حسب الاقتضاء
في هذا الإطار، تخطط الهيئة لتحديث التصميم الحالي لنظام اختبار التحمل، إضافة إلى متطلبات عملية التقييم الداخلي للمخاطر (IRAP) وعملية التقييم الداخلي لكفاية رأس المال (ICAAP)، مع تضمين اختبارات تحمل محسّنة ومراعاة معايير لجنة بازل المتعلقة بمخاطر سعر الفائدة.
تعريفات "الأطراف المرتبطة" و"الوثيقة الصلة"
تقترح الهيئة تحديث تعريفات "الأطراف المقابلة المرتبطة" و"الوثيقة الصلة" وفقاً لمبادئ لجنة بازل، من خلال إدراج معايير السيطرة والتبعية الاقتصادية. وتتضمن المقترحات الأساسية ما يلي:
توسيع تعريف "الطرف المقابل المرتبط" ليشمل معايير السيطرة، بما في ذلك التأثير الكبير، الإدارة المشتركة، الضمانات المتبادلة، أو مصادر التمويل الرئيسية.
تحديث تعريف الأطراف "الوثيقة الصلة" بإضافة معايير التبعية الاقتصادية، مثل الترابط في الأداء المالي، أو المشاركة في مصادر التمويل، أو المخاطر المشتركة الكبيرة.
منح الهيئة صلاحية تصنيف أو إلغاء تصنيف الأطراف المقابلة كمرتبطة أو وثيقة الصلة لأغراض حدود التعرض الكبير.
استثناء التعرضات التي تقل عن 5% من رأس المال الأساسي من تقييم التبعية الاقتصادي.
إدارة التعرضات الإشكالية
تقترح الهيئة إدخال معايير جديدة لتصنيف التعرضات تشمل: 'التعرضات غير العاملة'، و'التعرضات العاملة'، و'التعرضات المؤجلة'. يهدف هذا التحديث، المتوافق مع مبادئ لجنة بازل، إلى تحسين دقة التصنيف الائتماني وفهم جودة الأصول، مما يعزز توحيد المعلومات المتعلقة بمخاطر الائتمان المقدمة من الأشخاص المرخص لهم.
متطلبات الإخطار المسبق للاستحواذات أو الاستثمارات الكبرى
اقترحت الهيئة، تماشياً مع مبادئ لجنة بازل، تحديث متطلبات الإخطار المسبق التي تلزم الأشخاص المرخص لهم في فئات محددة بالإبلاغ عن الاستحواذات والاستثمارات والشركات الفرعية الكبرى الجديدة. تشمل حالات الإخطار المسبق:
إنشاء شركة فرعية أو الاستحواذ عليها، مع استثناء المركبات ذات الأغراض الخاصة للتمويل.
الاستحواذ أو الاستثمار المقترح في كيانات تمتلك أصولاً تعادل 10% أو أكثر من موارد رأس المال الخاصة بالشخص المرخص له
الاستحواذ المقترح على حصة 20% أو أكثر من أسهم أي كيان.
كما تمنح التعديلات المقترحة الهيئة صلاحية رفض هذه المقترحات أو فرض شروط عليها في حال عدم امتلاك الشخص المرخص له الموارد الكافية لإدارة التغيير المقترح.
خاتمة
تعكس التحسينات المقترحة في الإطار التنظيمي للهيئة التزاماً راسخاً بتطبيق المعايير الدولية، وتشمل هذه التحسينات الحوكمة المؤسسية، وإدارة المخاطر النظامية، وتطوير اختبارات التحمل، وتنظيم إخطارات الاستحواذات الكبرى. تهدف هذه المبادرات إلى تعزيز مرونة سوق أبوظبي العالمي في مواجهة المخاطر المالية العالمية، مع ضمان الشفافية في العمليات وتحسين عملية صنع القرار من خلال المشاركة الفعالة لأصحاب المصلحة
مع التطلع إلى عام 2025، يهدف تركيز الهيئة على التوافق مع المعايير الدولية إلى ترسيخ مكانة سوق أبوظبي العالمي كمركز مالي رائد. وتسعى الهيئة، من خلال الارتقاء بمنظومة الحوكمة وإدارة المخاطر وتعزيز الاستقرار، إلى تعميق ثقة المستثمرين وبناء نظام مالي قوي ومستشرف للمستقبل. ومن المتوقع أن تؤدي هذه التحسينات إلى دفع عجلة النمو المستدام وتشجيع الابتكار وترسيخ معايير النزاهة الرفيعة في سوق أبوظبي العالمي.