التطورات الأخيرة في التشريعات المتعلقة بالشركات العائلية في دولة الإمارات: خطوة نحو الاستمرارية والنمو
ريتشارد كاتلينجشريك
نوال عبد الهاديمستشار أول
ستيوارت برايكمستشار أول
الترجمة مقدمة من فنسنت بيرسيفال
أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة حزمة شاملة من الإصلاحات القانونية الجوهرية لترسيخ ريادتها العالمية في مجال حوكمة الشركات العائلية وتخطيط الثروات الخاصة. وتسعى الدولة، عبر تطبيق منظومة تشريعية متكاملة في المناطق الحرة والمناطق الرئيسية، إلى تلبية المتطلبات المختلفة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي وضمان انتقال سلس للثروات بين الأجيال. ويعكس هذا التطور النهج الاستباقي للدولة في تأسيس إطار قانوني راسخ يستجيب لمتطلبات الشركات العائلية وأصحاب الثروات. يستعرض هذا المقال أبرز هذه التطورات، متناولاً قانون مركز دبي المالي العالمي رقم 4 لسنة 2018 بشأن العهد، والمرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2023 بشأن العهد، والمرسوم بقانون اتحادي رقم 37 لسنة 2022 بشأن الشركات العائلية، وقرار المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة رقم 31 لسنة 2024 بشأن تنظيم الشركات العائلية في إمارة الشارقة.
إصلاحات قانون العهد في مركز دبي المالي العالمي
يواصل مركز دبي المالي العالمي ريادته في تطوير المنظومة القانونية للعهد، حيث جاءت التعديلات المستحدثة بموجب قانون التعديل رقم 1 لسنة 2024 لمعالجة التحديات المستجدة وتعزيز مكانة المركز كوجهة عالمية رائدة في مجال تخطيط الثروات العائلية.
يتيح القانون المعدل إدراج أحكام قابلة للفصل في العهد، مما يسمح بتطبيق قوانين ولايات قضائية متعددة على مختلف فئات الأصول. فيمكن للعائلات، على سبيل المثال، إخضاع أصولها العقارية لقوانين ولاية قضائية معينة، ومحافظها المالية لقوانين ولاية أخرى. وتكتسب هذه المرونة أهمية بالغة للعائلات التي تدير أصولاً عابرة للحدود. كما عززت الإصلاحات الحماية القانونية للأصول عبر فرض شروط صارمة على الدائنين الساعين للطعن في تحويلات الأصول، إذ يتوجب عليهم إثبات النية الاحتيالية أو الإعسار وقت التحويل، مما يوفر حماية أقوى لهياكل العهد.
وقد عزز مركز دبي المالي العالمي آليات الحماية ضد الأحكام الأجنبية، حيث تتمتع العهد المؤسسة فيه بحصانة من أحكام المحاكم الأجنبية المتعارضة مع مبادئه، مما يؤكد استقلاليته القضائية ويصون الثروات العائلية. وتتيح الأحكام المستحدثة مرونة في تقسيم العهد أو دمجها استجابةً للاحتياجات المتطورة للعائلات. وترسخ هذه المبادرات، مقترنةً بإطار حوكمة ميسر، مكانة المركز كوجهة رائدة لهياكل العهد المتطورة.
التطورات الرئيسية: المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2023 بشأن العهدة
حل قانون العهدة الرئيسي محل القانون الاتحادي السابق، مشكلاً خطوة استراتيجية في تطوير المنظومة القانونية للعهد في الدولة. ودخل القانون حيز التنفيذ في 25 سبتمبر 2023، مرسياً أحكاماً جوهرية لتعزيز منظومة الحوكمة وتيسير إدارة الثروات. كما منح القانون العهدة شخصية قانونية مستقلة تتيح لها تملك الأصول وإبرام العقود، مع إرساء إطار متكامل للتوثيق والتسجيل يكفل فعالية الرقابة التنظيمية.
المرسوم بقانون اتحادي رقم 37 لسنة 2022 بشأن الشركات العائلية
يشكل إصدار قانون الشركات العائلية نقلة نوعية في استراتيجية حكومة الإمارات لتأسيس إطار قانوني شامل لتنظيم قطاع الأعمال العائلية. ومنذ دخوله حيز التنفيذ في 11 يناير 2023، يواصل هذا التشريع جهود الدولة في تنظيم ملكية وحوكمة الشركات العائلية، وتعزيز إسهامات القطاع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتيسير انتقال الثروات عبر الأجيال.
يسري القانون على الشركات العائلية التي يوافق مالكو أغلبية رأسمالها على تسجيلها في السجل الموحد للشركات العائلية المنشأ بموجب هذا المرسوم بقانون. ويمكن للشركة العائلية أن تتخذ أي شكل من الشركات المعترف بها في قانون الشركات التجارية الاتحادي، باستثناء شركات المساهمة العامة وشركات التضامن، أو الشركات المعترف بها وفقاً لتشريعات المناطق الحرة. ويشترط القانون أن تكون أغلبية الأسهم مملوكة لأفراد من العائلة نفسها، مع استحداث أحكام مبتكرة تتيح إصدار فئات متنوعة من الأسهم بحقوق متباينة، والسماح للشركة العائلية بشراء نسبة تصل إلى 30% من حصصها لتسهيل التخارج. كما رفع القانون القيود المفروضة على عدد المساهمين، موسعاً بذلك نطاق تطبيقه.
علاوة على ذلك، أتاح القانون للعائلات إبرام مواثيق عائلية لتنظيم شؤونها وإرساء هياكل الحوكمة، بما في ذلك الجمعيات والمجالس والمكاتب العائلية. وتوفر هذه الأحكام المرونة اللازمة لتصميم ترتيبات تناسب الاحتياجات الخاصة لكل عائلة. وتفخر شركة التميمي ومشاركوه بمساهمتها في تسجيل أول شركة عائلية في الدولة في إطار هذا التشريع الرائد.
تعزز هذه الإصلاحات الاستقرار الاقتصادي وتضمن انتقال الثروات بين الأجيال، مما يرسخ مكانة دولة الإمارات كوجهة مفضلة للمؤسسات العائلية.
قرار المجلس التنفيذي للشارقة رقم 31 لسنة 2024
يعكس قرار الشركات العائلية في الشارقة النهج الاستباقي للإمارة في تنظيم الشركات العائلية. ويؤسس القرار إطاراً قانونياً متكاملاً يضمن استدامة هذه الشركات ويعزز مساهمتها في اقتصاد الإمارة. ويلزم القرار بإدراج مصطلح "شركة عائلية" في عقد التأسيس، مما يضمن الشفافية والتوافق مع معايير الحوكمة المؤسسية. كما يجيز إصدار أسهم غير مصوتة، مما يتيح توزيع الأرباح على نطاق واسع مع الاحتفاظ بالسيطرة على إدارة الشركة.
وفي مجال تسوية النزاعات، يؤكد القرار على أولوية المصالحة الداخلية عبر المجالس العائلية. وحين تثبت عدم كفاية الآليات الداخلية، يوفر مركز الشارقة للتحكيم التجاري الدولي (تحكيم) منصة موثوقة يديرها خبراء متخصصون. ومن الملامح المميزة للقرار إتاحة تخصيص أصول الشركات العائلية كأوقاف وفقاً لقوانين الوقف في الإمارة، مما يضمن المحافظة على الأصول للأغراض الخيرية أو لأغراض الإرث العائلي، ويؤكد التزام الإمارة بالإدارة المستدامة للثروات العائلية.
خاتمة
تجسد الإصلاحات القانونية الأخيرة في دولة الإمارات التزامها الراسخ بتهيئة بيئة داعمة للشركات العائلية والثروات الخاصة. ومن خلال التوازن بين الابتكارات في المناطق الحرة والتطورات في المناطق الرئيسية، تقدم الدولة للعائلات أدوات متنوعة لإدارة أصولها بكفاءة. ومع تقدم الإمارات نحو عام 2025، ستؤدي هذه الإصلاحات دوراً محورياً في ضمان استمرارية المؤسسات العائلية ونموها. ونحن في شركة التميمي ومشاركوه نؤكد التزامنا بمواصلة توجيه العائلات في هذا المشهد المتطور، وتقديم حلول تنسجم مع توجهات الدولة نحو التميز الاقتصادي واستدامة الإرث العائلي.