تحديث النظام القانوني الخاص بجمعيات النفع العام في الامارات العربية المتحدة
علي باشروششريك، رئيس الهيكلة المؤسسية – الإمارات الشمالية
الترجمة مقدمة من فنسنت بيرسيفال
أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة تشريعاً جديداً للجمعيات والمؤسسات الأهلية ذات النفع العام، يحل محل القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 2008. ويؤسس المرسوم بقانون اتحادي رقم (50) لسنة 2023 بشأن تنظيم مؤسسات النفع العام، الساري منذ منتصف 2024، إطاراً تنظيمياً متكاملاً. يتناول هذا المقال المستجدات والمزايا التي يقدمها القانون الجديد لعملائنا، والفرص والضوابط التنظيمية المرتقبة بحلول عام 2025.
التعديلات الرئيسية على القانون القديم
من أبرز ما تضمنه القانون الجديد تعزيز منظومة الحوكمة والشفافية للجمعيات والمؤسسات الأهلية ذات النفع العام التي تُنشأ لممارسة أنشطة نفعية دون السعي لتحقيق الربح، بما يكفل توافق عملياتها مع السياسات الوطنية.
وخلافاً للتشريع السابق، يشمل نطاق تطبيق القانون الجديد جميع المناطق الحرة في الدولة، مما يوفر إطاراً تنظيمياً موحداً. كما يفرض القانون الجديد التزامات وقيوداً محددة على جمعيات النفع العام، تشمل ضوابط صارمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
يتعين على الجمعيات حديثة التأسيس استيفاء متطلبات التسجيل والترخيص قبل شغل أو استئجار أو استخدام أية مرافق تعود لشخص طبيعي أو اعتباري. وقد خفض القانون الحد الأدنى لعدد الأعضاء المؤسسين من 20 إلى 7 أعضاء، مما يتيح مشاركة أوسع في مبادرات النفع العام ويعزز الشمولية.
ويلزم القانون جميع الجمعيات بتشكيل مجلس إدارة، والمؤسسات الأهلية بتشكيل مجلس أمناء، على ألا تتجاوز مدة عضويتهما أربع سنوات.
استحدث القانون الجديد ضوابط مالية أكثر صرامة للجمعيات والمؤسسات الأهلية، وشدد العقوبات على المخالفات، لتعزيز الامتثال وردع المخالفين. وحدد حداً أدنى لرأس مال المؤسسات الأهلية قدره 5,000,000 درهم، لضمان توفر الموارد الكافية للمبادرات الخيرية. كما رفع الغرامات على المخالفات من 10,000 درهم إلى ما لا يقل عن 500,000 درهم، مع إمكانية فرض عقوبة الحبس. وتشمل العقوبات الأخرى حل وإغلاق الجمعيات المخالفة من قبل السلطة المختصة. تؤسس هذه التعديلات لبيئة تتسم بالشفافية والمساءلة، مما يعزز مصداقية ونزاهة جمعيات النفع العام في الدولة.
أدخل المرسوم بقانون اتحادي رقم (50) لسنة 2023 إصلاحات جوهرية على تنظيم جمعيات النفع العام في دولة الإمارات. تتضمن التعديلات الرئيسية تعزيز آليات الحوكمة، وتخفيض عدد الأعضاء المؤسسين، وإتاحة المجال للأجانب للمشاركة في إدارة الجمعيات. كما يبسط القانون إجراءات التأسيس، ويتيح التنظيم بموجب مراسيم محلية، ويشدد العقوبات على المخالفات، مما يعكس حرص الدولة على تحديث أطرها التنظيمية.
مشاركة الأجانب في الجمعيات الأهلية
يُشكل إدراج الأجانب في منظومة تأسيس وإدارة الجمعيات والمؤسسات الأهلية تطوراً جوهرياً في القانون الجديد. حيث يتيح للأجانب البالغين المشاركة في عضوية مجالس إدارة هذه المؤسسات، شريطة ألا تتجاوز نسبتهم 30% من إجمالي الأعضاء المؤسسين، مع اشتراط إقامتهم في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات. يضمن هذا التوجه تنوع هياكل الحوكمة ويجسد التزام دولة الإمارات بتبني نهج شامل في التنمية المجتمعية، مما يعزز استقطاب الخبرات والكفاءات العالمية ويرفع كفاءة المبادرات الأهلية.
كما حصر القانون الجديد العضوية في الجمعيات والمؤسسات الأهلية على الأشخاص الطبيعيين، خلافاً للقانون القديم الذي كان يتيح العضوية للشخصيات الاعتبارية.
تيسير إجراءات التأسيس
خفض القانون الجديد المدة المقررة لموافقة الوزارة على ترخيص الجمعية من 60 يوماً إلى 10 أيام عمل. وفي حال الرفض، يحق للجنة المؤسسين المؤقتة التظلم خلال 30 يوماً بدلاً من 180 يوماً.
تعزيز دور الوزارة والسلطات المختصة المحلية
وسع القانون الجديد صلاحيات الوزارة والسلطات المحلية لتحسين الإشراف والرقابة. فأصبحت مسؤولة عن تطبيق وتحديث الدليل التصنيفي لمؤسسات النفع العام والأنشطة المرتبطة بهذا القطاع، بالإضافة إلى إعداد النظام الأساسي النموذجي للجمعيات.
في المقابل، نُقلت بعض الصلاحيات من الوزارة إلى السلطات المختصة المحلية، التي أصبحت تتولى الإشراف على تصفية الجمعيات المنحلة، مع منحها سلطة تقديرية في إعفاء الجمعيات من إجراءات التوفيق بعد إشهارها.
يكفل تعزيز دور الوزارة والسلطات المحلية تناغماً وفعالية أكبر في التنظيم، مما يؤسس لقطاع نفع عام أكثر متانة وانضباطاً.
خاتمة
يمثل القانون الجديد تحولاً جوهرياً في تنظيم جمعيات النفع العام في دولة الإمارات. وبحلول عام 2025، سيشهد القطاع تعزيزاً في الحوكمة وتنوعاً في المشاركين. يؤسس القانون لمستوى متقدم من الإشراف الحكومي، مع تعزيز الضوابط المالية، وتشديد العقوبات على المخالفات، وتبسيط إجراءات التأسيس، إضافة إلى تنظيم الجمعيات وفقاً للمراسيم المحلية.
ومع قرب إصدار اللائحة التنفيذية المرتقب تطبيقها في 2025، تجسد هذه الإصلاحات الشاملة التزام الدولة بتطوير الإطار التنظيمي لجمعيات النفع العام بما يتواكب مع السياسات الوطنية والمعايير الدولية. وسيتيح هذا التطور للقطاع بيئة تتميز بالكفاءة والشمولية والتنظيم المحكم، مما يعزز المشاركة المجتمعية ويرفع مستوى أداء المبادرات الأهلية.