تطور منظومة تسوية المنازعات في دولة الإمارات: رؤية مستقبلية
محمد المرزوقيشريك، رئيس مشارك لقسم حل النزاعات
نايف يحيىشريك، رئيس قسم التقاضي - دبي
حسن الطاهرشريك
زين عنانيمحامي معرفة أول
الترجمة مقدمة من فنسنت بيرسيفال
تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة لإطلاق مبادرات نوعية في 2025 لتطوير منظومة الخدمات القانونية والإجراءات القضائية. يستعرض هذا المقال أربع مبادرات رئيسية: التقاضي الإلكتروني (التقاضي الذكي)، ومشروع "المحامي الافتراضي"، وإدخال المحاكم ثنائية اللغة، وتطبيق منصة ذكاء اصطناعي للموارد والخدمات القضائية. وسنناقش كل مشروع بإيجاز أدناه.
التقاضي الإلكتروني
يُعد التقاضي الإلكتروني خطوة محورية في تطور النظام القضائي، حيث عززت دولة الإمارات دمج التقنيات الإلكترونية في إجراءاتها القضائية. وتجلى هذا التوجه بوضوح مع إصدار القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2017 في شأن استخدام تقنية الاتصال عن بعد في الإجراءات الجزائية وترسخ أكثر مع قانون الإجراءات المدنية الاتحادي الجديد الذي يتضمن أحكاماً خاصة بالتقاضي الإلكتروني.
يقوم نظام التقاضي الإلكتروني - أو التقاضي عن بُعد - على توظيف الوسائل الإلكترونية وتقنيات الاتصال عن بعد في تسيير الإجراءات القضائية. ويغطي النظام كافة مراحل التقاضي، من رفع الدعاوى وتبادل المذكرات والمستندات إلى سماع الشهود وإصدار الأحكام، حيث تُنجز جميعها إلكترونياً. وتسعى دولة الإمارات من خلال هذا النظام إلى تحقيق الكفاءة في الوقت والتكلفة مع تعزيز الوصول إلى العدالة عبر تمكين المتقاضين من المشاركة في الإجراءات القضائية عن بُعد.
مشروع المحامي الافتراضي
كشفت دولة الإمارات النقاب عن مشروع "المحامي الافتراضي" في معرض جيتكس 2024، مع توقعات بإطلاق النسخة التجريبية في 2025. وستبدأ هذه النسخة بتقديم خدمات أساسية لمساعدة المحامين في القضايا مثل تحويل الصوت إلى نص وتقديم المذكرات والمستندات على أن تتطور قدراتها تدريجياً مع تقدم المشروع:
قاعدة بيانات النصوص التشريعية الوطنية الموحدة: سيرتكز المحامي الافتراضي على قاعدة بيانات موحدة للتشريعات الوطنية لتعزيز جودة الخدمات القانونية وذلك من خلال توفير منصة رقمية للتفاعلات القانونية تجعل الخدمات أكثر كفاءة وسهولة. وسيتعين على مكاتب المحاماة الراغبة في استخدام المحامي الافتراضي تغذية قاعدة بياناته بعد قيده لدى وزارة العدل.
تهيئة القطاع القضائي للمستقبل: يسعى المشروع لتهيئة القطاع القضائي للمتغيرات والفرص المستقبلية عبر الاستفادة من التقنيات المتطورة والذكاء الاصطناعي لابتكار نماذج حكومية مستحدثة تضمن سرعة الخدمات وتحسين تجربة المستخدم في منظومة تقاضٍ رقمية تفاعلية.
تطوير الأطر القانونية لدمج الذكاء الاصطناعي: بالتوازي مع إطلاق النسخة التجريبية للمحامي الافتراضي تتولى دولة الإمارات تطوير المنظومة القانونية اللازمة لتيسير إدماج الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني. ويشمل ذلك إجراء تقييم شامل للتبعات القانونية وإعداد التشريعات المناسبة لضمان التوظيف الآمن والمجدي للتقنيات الرقمية في الخدمات القانونية.
تزداد الحاجة مع تطور دولة الإمارات إلى تبسيط إجراءات التقاضي حيث يتوقع أن يساهم هذا المشروع في تقليص التعقيدات والحد من العمليات اليدوية. وسيتم الإعلان عن متطلبات الترخيص والإطار التنظيمي للمحامي الافتراضي في 2025.
المحاكم ثنائية اللغة
بدأ تطبيق قانون الإجراءات المدنية الإماراتي العام الماضي متضمناً أحكاماً تتعلق بلغة الإجراءات والأحكام القضائية. ومن المتوقع تفعيل هذه الأحكام في محاكم البر الرئيسي في 2025. وتنص المادة 5 من القانون على أن لرئيس مجلس القضاء الاتحادي أو رئيس الجهة القضائية المحلية - حسب الأحوال – أن يقرر في بعض الدوائر المخصصة لنظر المنازعات المتعلقة بالمواد التخصصية، أو في دعوى محددة، أو في بعض الدعاوى، أن تكون لغة المحاكمة والإجراءات والأحكام والقرارات فيها هي اللغة الإنجليزية. واقتصر استخدام اللغتين العربية والإنجليزية في محاكم أبوظبي سابقاً على دعاوى محددة ومعقدة تطلبت مشاركة خبراء دوليين في الجلسات وإصدار الأحكام. أما مستقبلاً فستجري بعض الدعاوى باللغة الإنجليزية بإشراف قضاة ناطقين بها. وتجدر الإشارة إلى أن دولة الإمارات سبق أن أسست محاكم تجارية دولية تعمل باللغة الإنجليزية مثل محاكم مركز دبي المالي العالمي ومحاكم سوق أبوظبي العالمي حيث يضمن استخدام اللغة الإنجليزية في هذه المحاكم أن تخدم غرضها بفعالية في توفير بيئة قضائية مألوفة للمتقاضين والمختصين القانونيين الدوليين.
يمثل هذا التغيير في محاكم البر الرئيسي الإماراتية خطوة استراتيجية تتجاوز البعد اللغوي لما له من تأثيرات جوهرية على النظام القانوني للدولة واقتصادها ومكانتها عالمياً. فتوسيع نطاق استخدام اللغة الإنجليزية في المحاكم الإماراتية سيعزز إمكانية الوصول إلى العدالة لشريحة أوسع من الأطراف الدولية ويسهل مشاركة المحامين والمتقاضين الدوليين. وسيؤدي دمج اللغة الإنجليزية مع النظام القانوني المدني الإماراتي إلى ترسيخ مكانة المحاكم الإماراتية كوجهة مفضلة للفصل في المنازعات المدنية والتجارية المعقدة.
ُشكل المبادرات الحديثة لدولة الإمارات نقلة نوعية في نظامها القضائي. إذ تمثل المبادرات الحديثة لدولة الإمارات تحولاً جوهرياً في منظومتها القضائية، حيث تأتي مشاريع رائدة مثل التقاضي الالكتروني، والمحامي الافتراضي، والمحاكم ثنائية اللغة، ومنصة الذكاء الاصطناعي للموارد والخدمات القضائية، لتعزز كفاءة الخدمات القانونية وشفافيتها وسهولة الوصول إليها.
منصة الذكاء الاصطناعي للموارد والخدمات القضائية
سيسهم إطلاق منصة الذكاء الاصطناعي للموارد والخدمات القضائية في دولة الإمارات في تيسير الوصول إلى المصادر والمعلومات القانونية. وسيتيح هذا النظام المتكامل للمختصين القانونيين مواكبة التطورات في المشهد القانوني واتخاذ قرارات مستنيرة. كما ستعزز المنصة مبادئ الشفافية والعدالة المفتوحة عبر توفير وصول مباشر وفعال للمعلومات المتعلقة بالقضايا والإجراءات القضائية مما يدعم مبادئ المساءلة ويرسخ الثقة في النظام القانوني لصالح المجتمع القانوني والمتعاملين.
خاتمة
تُشكل المبادرات الحديثة لدولة الإمارات نقلة نوعية في نظامها القضائي. إذ تمثل المبادرات الحديثة لدولة الإمارات تحولاً جوهرياً في منظومتها القضائية، حيث تأتي مشاريع رائدة مثل التقاضي الالكتروني، والمحامي الافتراضي، والمحاكم ثنائية اللغة، ومنصة الذكاء الاصطناعي للموارد والخدمات القضائية، لتعزز كفاءة الخدمات القانونية وشفافيتها وسهولة الوصول إليها. وستؤدي هذه التطورات إلى تيسير الإجراءات القضائية وتسريعها مع توسيع نطاق الوصول إلى العدالة ليشمل مختلف الأطراف الدولية. ومن خلال توظيف التقنيات المتقدمة والذكاء الاصطناعي تهيئ دولة الإمارات قطاعها القضائي للمستقبل مما يعزز الشفافية والثقة في النظام القانوني.